من نحل جسمه كمنع وعلم ونصر وكرم نحولا: ذاب من مرض أو سفر ونحوهما (الذين إذا جنهم الليل) أي سترهم، (استقبلوه بحزن) في تفكر أمر الآخرة وأهوالها، واستقبال الليل كناية عن قطعه بالعبادة امتثالا لقوله تعالى (ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا) وإنما خص الليل بالذكر لأنها محل للخلوة مع الله والفراغ من الناس والمغفرة والخلوص في العبادة كما قيل إذا كثرت الذنوب منك فداوها برفع يد في الليل المظلم.
8 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: شيعتنا أهل الهدى وأهل التقى وأهل الخير وأهل الإيمان وأهل الفتح والظفر.
* الشرح:
قوله (شيعتنا أهل الهدى وأهل التقى وأهل الخير وأهل الايمان وأهل الفتح والظفر) أي أهل لفتح أبواب البر والإسرار، وأهل للظفر بالمقصود، ففي الأول إشارة إلى كمالهم في القوة النظرية، وفي الثاني إشارة إلى كمالهم في القوة العملية حتى بلغوا إلى غايتهما وهو فتح أبواب الأسرار والفوز بقرب الحق. وفيه حث لهم على تحصيل هذه الخصال أعني الهداية إذ سلوك سبيل الحق لا يمكن بدونها ثم التقوى أي الاجتناب عن المنهيات، ثم الخير وهو القيام على الطاعات، ثم الايمان الكامل الذي يتوقف عليهما فلذلك أخره عنهما، ثم الفتح والظفر بالمعنى المذكور. وإنما أخرهما لتوقفهما على الأمور المذكورة، ويمكن أن يكون الفتح والظفر إشارة إلى المجاهدات النفسانية وغلبة جنود العقل على الجنود الشيطانية فإنه إذا تقابل الجندان فثبات العقل ومحارباته مع العدو هو الاجتهاد وغلبته عليه هو الفتح والظفر.
9 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل، عن منصور بزرج، عن مفضل قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إياك والسفلة، فإنما شيعة علي من عف بطنه وفرجه، واشتد جهاده وعمل لخالقه ورجا ثوابه وخاف عقابه، فإذا رأيت أولئك فأولئك شيعة جعفر.
* الشرح:
قوله (وإياك والسفلة فإنما شيعة علي من عف بطنه وفرجه واشتد جهادته وعمل لخالقه ورجا ثوابه وخاف عقابه فإذا رأيت أولئك فأولئك شيعة جعفر) أي شيعتي، ففيه التفات على قول من جوزه ابتداء، والمراد بالسفلة التابعون للقوة الشهوية والغضبية، التاركون لما يقتضيه القوة العقلية وهو الصفات المذكورة، وإنما سموا سلفة لاستقرارهم كسائر الحيوانات في السافل وعدم ارتقائهم إلى الدرجة الانسانية. وعفة البطن والفرج عما لا يجوز تناوله إشارة إلى كسر القوة الشهوية وضبطها عن التجاوز إلى حد الإفراط فإنها تدعو إلى الشرور والمفاسد التي لا تحصى، واشتداد الجهاد