ذي يتمة أظلمه بفلسه متعمدا، ولم أظلم اليتيم وغير اليتيم! لنفس تسرع إلى البلاء (1) قفولها، ويمتد في أطباق الثرى حلولها، وإن عاشت رويدا فبذي العرش نزولها.
معاشر شيعتي، احذروا فقد عظتكم الدنيا بأنيابها، تختطف منكم نفسا بعد نفس كذئابها، وهذه مطايا الرحيل قد أنيخت لركابها. ألا إن الحديث ذو شجون، فلا يقولن قائلكم: إن كلام علي متناقض، لان الكلام عارض.
ولقد بلغني أن رجلا من قطان (2) المدائن تبع بعد الحنيفية علوجه، ولبس من نالة (3) دهقانه منسوجه، وتضمخ بمسك هذه النوافج (4) صباحه، وتبخر بعود الهند رواحه، وحوله ريحان حديقة يشم نفاحه، وقد مد له مفروشات الروم على سرره، تعسا له بعد ما ناهز السبعين من عمره، وحوله شيخ يدب على أرضه من هرمه، وذو يتمة تضور من ضره ومن قرمه (5)، فما واساهم بفاضلات من علقمة، لئن أمكنني الله منه لأخضمنه خضم البر، ولأقيمن عليه حد المرتد، ولأضربنه الثمانين بعد حد، ولأسدن من جهله كل مسد، تعسا له أفلا شعر، أفلا صوف، أفلا وبر، أفلا رغيف قفار (6) الليل إفطار مقدم (7)، أفلا عبرة على خد في ظلمة ليال تنحدر؟ ولو كان مؤمنا لاتسقت له الحجة إذا ضيع ما لا يملك.
والله لقد رأيت عقيلا أخي وقد أملق حتى استماحني من بركم صاعه، وعاودني في عشر وسق (8) من شعيركم يطعمه جياعه، ويكاد يلوي ثالث أيامه