وثقتهم (1).
وقد عاش شيخنا الصدوق في كنف أبيه وظل رعايته نيفا وعشرين سنة ينهل من معارفه ويستمد من فيض علومه ويقتبس من أخلاقه وآدابه.
وكانت نشأة شيخنا الصدوق الأولى في بلدة قم من بلاد إيران، وهي إحدى مراكز العلم يومئذ، حيث كانت تعج بالعلماء وحملة الحديث، وكانت مهبط شيوخ الرواية، يقصدونها من شتى ديار الاسلام.
وقد أكثر الشيخ الصدوق من مجالسة العلماء في قم والسماع منهم والرواية عنهم، أمثال الشيخ محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، وحمزة بن محمد بن أحمد ابن جعفر بن محمد بن زيد بن علي (عليه السلام) وغيرهما.
وفي مثل هذه الأجواء، بدت في شيخنا الصدوق ملامح النبوغ والرقي، وذلك بدعاء الإمام (عليه السلام) له ونعته بالفقه والبركة وانتفاع الناس به، ولم تمض برهة حتى أصبح الشيخ الصدوق آية في الحفظ والذكاء، ففاق أقرانه بالفضل والعلم وطار صيته حتى أشير إليه بالبنان.
وقد كانت الفترة التي عاشها شيخنا الصدوق هي فترة حكم الديالمة آل بويه وأمرائهم المعروفين بحسن خدمتهم لأهل العلم وتأييدهم لهم والمبالغة في إكرامهم وتبجيلهم، مما له بالغ الأثر في مسيرة شيخنا الصدوق العلمية، وتوجهاته وأسفاره، وقد كان أمراء البلاد الاسلامية في تلك الفترة جلهم من الشيعة فإضافة إلى الديالمة في إيران (321 - 447 ه) هناك الدولة العبيدية الفاطمية في شمال أفريقيا (296 - 567 ه) والحمدانية في الموصل وبلاد الشام (333 - 394 ه).
رحلاته وأسفاره:
لم تكن همة الشيخ الصدوق مقصورة على الاخذ من مشايخ بلدته قم