دخلت على امرأة من تميم عجوز كبيرة وهي تحدث الناس، فقلت لها: يرحمك الله، حدثيني في بعض فضائل أمير المؤمنين علي (عليه السلام). قالت: أحدثك وهذا شيخ كما ترى بين يدي نائم.
فقلت لها: ومن هذا؟ فقالت: أبو الحمراء، خادم رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فجلست إليه، فلما سمع حسي استوى جالسا، فقال: مه. فقلت: رحمك الله، حدثني بما رأيت من رسول الله (صلى الله عليه وآله) يصنعه بعلي (عليه السلام)، فإن الله يسألك عنه.
فقال: على الخبير وقعت، أما ما رأيت النبي (صلى الله عليه وآله) يصنعه بعلي (عليه السلام)، فإنه قال: لي ذات يوم: يا أبا الحمراء، انطلق فادع لي مائة من العرب، وخمسين رجلا من العجم، وثلاثين رجلا من القبط، وعشرين رجلا من الحبشة.
فأتيت بهم، فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) فصف العرب، ثم صف العجم خلف العرب، وصف القبط خلف العجم، وصف الحبشة خلف القبط، ثم قام فحمد الله وأثنى عليه، ومجد الله بتمجيد لم يسمع الخلائق بمثله، ثم قال: يا معشر العرب والعجم والقبط والحبشة، أقررتم بشهادة أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله؟ فقالوا: نعم. فقال: اللهم أشهد. حتى قالها ثلاثا، فقال في الثلاثة: أقررتم بشهادة أن لا إله إلا الله، وأني محمدا عبده ورسوله، وأن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وولي أمرهم من بعدي، فقالوا: اللهم نعم. فقال: اللهم أشهد. حتى قالها ثلاثا.
ثم قال لعلي (عليه السلام): يا أبا الحسن، انطلق فأتني بصحيفة ودواة، فدفعها إلى علي بن أبي طالب، وقال: اكتب. فقال: وما أكتب؟ قال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أقرت به العرب والعجم والقبط والحبشة، أقروا بشهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وولي أمرهم من بعدي، ثم ختم الصحيفة، ودفعها إلى علي (عليه السلام) فما رأيتها إلى الساعة.
فقلت: رحمك الله. زدني. فقال: نعم، خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم عرفة، وهو آخذ بيد علي (عليه السلام)، فقال: يا معشر الخلائق، إن الله تبارك وتعالى باهى بكم في هذا اليوم ليغفر لكم عامة، ثم التفت إلى علي (عليه السلام)، فقال له: وغفر لك - يا