فحسب، بل تعالت همته حتى تحمل وعثاء السفر طلبا للعلم، فغادر بيئته وطاف البلاد ورحل إلى الأمصار، وتتابعت أسفاره في أمهات الحواضر العلمية آنذاك، واجتمع في تلك الرحلات مع مشيخة العلم والحديث ممن كانت تشد إليهم الرحال لتحمل الرواية والعلم.
ويمكن إجمال مجموع أسفاره ورحلاته بما يلي:
1 - الري: استدعاه إلى الري ركن الدولة البويهي المتوفى سنة 366 ه بطلب من أهالي البلد، فلبى طلبهم وسافر إلى الري وأقام هناك، ولا نعرف على وجه التحديد السنة التي انتقل فيها الشيخ الصدوق إلى الري إلا أنه يمكن تحديدها بين سنة 339 و 347 ه، حيث روى بقم عن الشيخ حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) في رجب سنة 339 ه (1)، وحدث بالري عن الشيخ أبي الحسن محمد بن أحمد بن علي بن أسد الأسدي، المعروف بابن جرادة البردعي في رجب سنة 347 ه (2)، ومهما يكن الامر فإنه أصبح بعد سنة 347 ه مصدر الفتيا والاحكام لأبناء الري، والتف حوله ذوو الفضل والعلم فأفاض عليهم من علومه ومعارفه، وأخذ هو عن شيوخهم وعلمائهم، حيث سمع من الشيخ ابن جرادة البردعي ويعقوب بن يوسف بن يعقوب، وأحمد بن محمد بن الصقر الصائغ العدل، وأبي علي أحمد بن الحسن القطان وغيرهم.
2 - خراسان: قال الشيخ الصدوق: لما استأذنت الأمير السعيد ركن الدولة في زيارة مشهد الرضا (عليه السلام) فأذن لي في ذلك في رجب من سنة 352 ه (3). والظاهر أن هذه أولى زياراته لمشهد الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام).
وله زيارة أخرى في سنة 367 ه حيث أملى بها المجلس (25) من كتاب