ولم تضعف بصيرتك، ولم تجبن نفسك ولم تخن، كنت كالجبل لا تحركه العواصف، ولا تزيله القواصف.
وكنت كما قال (صلى الله عليه وآله): ضعيفا في بدنك، قويا في أمر الله، متواضعا في نفسك، عظيما عند الله عز وجل، كبيرا في الأرض، جليلا عند المؤمنين، لم يكن لأحد فيك مهمز، ولا لقائل فيك مغمز، ولا لأحد فيك مطمع، ولا لأحد عندك هوادة.
الضعيف الذليل عندك قوي عزيز حتى تأخذ له بحقه، والقوي العزيز عندك ضعيف ذليل حتى تأخذ منه الحق، والقريب والبعيد عندك في ذلك سواء، شأنك الحق والصدق والرفق، وقولك حكم وحتم، وأمرك حلم وحزم، ورأيك علم وعزم، فأقلعت وقد نهج السبيل، وسهل العسير، وأطفئت النيران، فاعتدل بك الدين، وقوي بك الاسلام والمؤمنون، وسبقت سبقا بعيدا، وأتعبت من بعدك تعبا شديدا، فجللت عن البكاء، وعظمت رزيتك في السماء، وهدت مصيبتك الأنام، فإنا لله وإنا إليه راجعون، رضينا عن الله قضاءه، وسلمنا لله أمره، فوالله لن يصاب المسلمون بمثلك أبدا.
كنت للمؤمنين كهفا حصينا، وعلى الكافرين غلظة وغيظا، فألحقك الله بنبيه، ولا حرمنا أجرك، ولا أضلنا بعدك. وسكت القوم حتى انقضى كلامه، وبكى وأبكى أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم طلبوه فلم يصادفوه (1).
364 / 12 - حدثنا أحمد بن محمد بن إسحاق الدينوري، قال: أخبرني أبو عروبة الحسين بن أبي معشر الحراني وأبو طالب بن أبي عوانة، قالا: حدثنا أبو داود سليمان بن سيف الحراني، قال: حدثنا عبد الله بن واقد، عن عبد العزيز الماجشون، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، قال: استبشرت الملائكة يوم بدر وحنين بكشف علي (عليه السلام) الأحزاب عن وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فمن لم يستبشر