إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، قال: حدثني أبو الصلت عبد السلام بن صالح، قال: حدثني محمد بن يوسف الفريابي، عن سفيان، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن حبيب بن الجهم، قال: لما رحل بنا علي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى بلاد صفين، نزل بقرية يقال لها صندوداء، ثم أمرنا فعبرنا عنها، ثم عرس (1) بنا في أرض بلقع (2)، فقام إليه مالك بن الحارث الأشتر، فقال: يا أمير المؤمنين، أتنزل الناس على غير ماء! فقال: يا مالك، إن الله عز وجل سيسقينا في هذا المكان ماء أعذب من الشهد، وألين من الزبد الزلال، وأبرد من الثلج، وأصفى من الياقوت، فتعجبنا ولا عجب من قول أمير المؤمنين (عليه السلام).
ثم أقبل يجر رداءه، وبيده سيفه، حتى وقف على أرض بلقع، فقال: يا مالك، احتفر أنت وأصحابك. فقال مالك: احتفرنا فإذا نحن بصخرة سوداء عظيمة، فيها حلقة تبرق كاللجين (3)، فقال لنا: روموها، فرمناها بأجمعنا ونحن مائة رجل، فلم نستطع أن نزيلها عن موضعها، فدنا أمير المؤمنين (عليه السلام) رافعا يده إلى السماء يدعو، وهو يقول: طاب طاب مريا عالم طيبوا ثابوثه شمثيا (4) كوبا حاحانو ثاتو ديثابر حوثا، آمين آمين رب العالمين، رب موسى وهارون، ثم اجتذبها فرماها عن العين أربعين ذراعا.
قال مالك بن الحارث الأشتر: فظهر لنا ماء أعذب من الشهد، وأبرد من الثلج، وأصفى من الياقوت، فشربنا وسقينا، ثم رد الصخرة وأمرنا أن نحثو عليها التراب، ثم ارتحل، فما سرنا إلا غير بعيد، قال: من منكم يعرف موضع العين؟ فقلنا: كلنا، يا أمير المؤمنين.
فرجعنا فطلبنا العين فخفي مكانها علينا أشد خفاء، فظننا أن أمير