فهذا حكم كلي مجعول بنحو القضية الحقيقية على الموضوع المقدر وجوده، فمتى وجد مصداق في الخارج لهذا الموضوع الكلي المقدر وجوده، يصير حكمه فعليا كما هو الشأن في جميع القضايا الحقيقية، وقد أوضحنا في محله (1) أن جعل جميع الأحكام الشرعية يكون على نهج القضايا الحقيقية.
ومقتضى ما ذكرنا هو أنه لو كان العوضان من المكيل والموزون في زمان الشارع ولم يكن منهما في هذا الزمان عدم دخول الربا في تلك المعاملة لأنه من تبدل موضوع الحكم كما أنه بالعكس لو كانا من المكيل أو الموزون في هذا الزمان ولم يكونا منهما في زمان الشارع يجب الحكم بدخول الربا لتحقق الموضوع ومعلوم أن وجود الحكم وتحققه تابع لوجود موضوعه وتحققه.
ولكن تقدم أنه صلى الله عليه وآله رتب الحكم في تلك الستة المتقدمة على نفس عناوينها أي عنوان البر والشعير والتمر والملح والفضة والذهب، فمتى وجدت هذه العناوين أي صار العوضان من أحدها، يترتب الحكم، سواء كان من المكيل أو الموزون أو لم يكن.
وأما بالنسبة إلى غيرها فإن كان من المكيل أو الموزون في عصره فيدخل فيه الربا إلى يوم القيامة وإن تبدل وصار من غيرهما في الأزمنة المتأخرة مع أنه خلاف ما ذكرنا من جعل الأحكام على نحو القضايا الحقيقية وذلك للاجماع الذي ادعوه في المقام.
فان ثبت الاجماع فهو وإلا فللكلام مجال بأن يقال بان صرف كونه من المكيل والموزون في زمان النبي صلى الله عليه وآله مع عدم كونه منهما في زمان وقوع المعاملة لا يوجب دخول الرباء فيه، بل مقتضى القاعدة المتقدمة، وهو جعل الأحكام على نهج القضايا الحقيقية، هو كونه من المكيل أو الموزون في زمان وقوع المعاملة، وإلا لا يدخل