المذكورة التي قلنا يأتي فيها الربا مع عدم اتحادهما في الاسم، كلها من هذا القبيل، أي ترجع إلى أصل واحد.
إن قلت إن ظاهر أدلة حرمة الربا في المعاملات والمعاوضات هو بيع المثل بالمثل مع الاختلاف في المقدار، ولا شك في أن الاقط والزبد ليسا مثلين للبن وكذلك التمر والعنب، مع الخل المصنوع من أحدهما.
قلنا قد علل الإمام عليه السلام إتيان الربا وجريانه في الشعير والحنطة بكونهما من أصل واحد:
ففي الكافي عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئل عن الرجل يبيع الرجل الطعام الأكراد فلا يكون عنده ما يتم له ما باعه، فيقول له خذ مني مكان كل قفيز حنطة قفيزين شعير حتى تستوفي ما نقص من الكيل، قال عليه السلام لا يصلح، لان أصل الشعير من الحنطة ولكن يرد عليه الدراهم بحساب ما ينقص من الكيل. (1) فقوله عليه السلام لان أصل الشعير من الحنطة تعليل لعدم جواز معاوضتهما بالزيادة، وثبوت الربا، فيؤخذ بعموم التعليل ويسري الحكم إلى كل مورد يكون انتهاء العوضين إلى أصل واحد، وإن لم يكونا متحدين في الاسم، وروى في الوسائل بهذا المعنى روايات كثيرة. (2) ولكن هذا أيضا لا يخلو عن نظر وتأمل، وذلك من جهة أن انتهاء الثمن والمثمن مثلا إلى أصل واحد، لو كان هو الضابط في اتحاد الجنس وثبوت الربا، يلزم أن لا يجوز بيع الملح الذي استحيل اللحم إليه باللحم متفاضلا في الكيل أو الوزن، ولا يمكن للفقيه الالتزام بذلك.