ومنها ما رواه مسعدة بن صدقة بن أبي عبد الله عليه السلام في حديث: وفيه: وتفسير ما يتقى مثل أن يكون قوم سوء ظاهر حكمهم وفعلهم على غير حكم الحق وفعله، فكل شئ يعمل المؤمن بينهم لمكان التقية مما لا يؤدي إلى الفساد في الدين فإنه جائز (1).
فقوله عليه السلام فإنه جائز، حكم بجواز كل شئ يعمل لأجل التقية، وهو مطلق غير مقيد بعدم المندوحة، بل ظاهره جواز كل شئ يعمل لمكان التقية وإن كان الفرار والتخلص منها ممكنا بأحد الوجوه المتقدمة.
ومنها ما ورد في الحث والترغيب في حضور جماعتهم في الروايات الكثيرة كرواية حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال من صلى معهم في الصف الأول كان كمن صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وآله في الصف الأول (2). وغيرها مما هو بهذا المضمون.
ولا شك في أن الروايات المطلقة الدالة على جواز التقية وإجراء ما يأتي به تقية عن الواجب الواقعي الأولى من دون تقييدها بعدم وجود المندوحة كثيرة فلا يحتاج إلى تطويل المقام بذكر تلك الأخبار والتكلم فيها، بل لا يمكن التقييد فيها بصورة عدم التمكن من ايجاد صلاته في جميع وقتها إلا في مكان يجب فيه التقية.
فالانصاف أنه ليست التقية من قبيل سائر الموارد التي ينقلب التكليف فيها بواسطة الاضطرار، بل الامر فيها أوسع للمصالح التي فيها من حفظ النفوس والأموال والاعراض لشخصه ولجميع الشيعة، بل وللامام عليه السلام ولعله ذلك أفردوها بالذكر عن سائر أقسام الاضطرار.