الواقعي الأولي في عرض التقية بان ينتقل إلى مكان آخر لا خوف عليه كما إذا انتقل من السوق إلى داره التي ليس فيها أحد يخاف منه ولا مشروطا بعدم المندوحة الطولية أي التمكن من الاتيان بالمأمور به الواقعي الأولى في الزمان المتأخر الذي يرتفع التقية فيه.
فظهر مما ذكرنا أن القول الأول وهو عدم اعتبار عدم المندوحة مطلقا الذي ذهب إليه الشهيدان في البيان (1) والروض (2) هو الصحيح وهو المشهور ويدل على عدم اعتبار عدم المندوحة في جواز التقية واجزائها عن اتيان الواقع الأولي بعد ارتفاع الخوف وحصول الامن بعض الروايات:
منها: ما رواه العياشي بسنده عن صفوان عن أبي الحسن عليه السلام في غسل اليدين، قلت له يرد الشعر؟ قال عليه السلام إن كان عنده آخر فعل (3)، والمراد بالآخر من يتقيه.
تقريب الاستدلال بهذه الرواية على عدم اعتبار عدم المندوحة هو تجويزه للتقية بصرف وجود شخص من هؤلاء الذين يخاف منهم. وإن كان يمكن أن يتستر عنه أو ينتقل إلى مكان آخر ليس هناك من يخاف منه أو يوهمه الاتيان بمثل مذهبهم مع الاتيان بما هو الحق أو يؤجل العمل إلى زمان آخر لا موضوع للتقية فيه، ولا شك في إطلاق الرواية من هذه الجهات ولا مقيد له في البين فيجب الاخذ باطلاقه.
ولا يخفى أن رد الشعر كناية عن الوضوء المنكوس لان رد الشعر من لوازمه، فالسؤال عن أن له رد الشعر، معناه أن له الوضوء المنكوس؟ فيجيب عليه السلام بالجواز بدون أي تقييد، وأما قوله عليه السلام إن كان عنده آخر، هو محقق موضوع التقية الا أنه تقييد فيها.