ومنها معارضته مع الاستصحاب الحاكم عليه، وهو استصحاب بقاء علقة المالك الأول من جهة الشك في أن المالك الأول بعد وقوع المعاملة التي يشك في لزومها انقطعت علاقته عن هذا المال بالمرة أو بقيت بحيث يقدر بسبب ذلك المقدار الباقي من تلك العلاقة على إرجاع ذلك المال إلى نفسه.
وبعبارة أخرى هذه المعاملة التي وقع الشك في لزومها هل صارت سببا لخروج المال عن يد المالك الأول بحيث صار المالك الأول مثل الأجنبي وصار كأنه لم يكن مالكا؟ أو بقي له حق الارجاع بتوسط الفسخ؟ فبقاء ذلك المقدار الذي قد يعبر عنه بملك أن يملك، مشكوك فيستصحب، ولا شك في حكومة هذا الاستصحاب على استصحاب بقاء ملكية المالك الثاني، لأنه رافع في عالم التشريع لموضوع استصحاب الأخير، إذ بقاء علاقة المالك الأول وقدرته على إرجاع المال إلى نفسه بالفسخ موجب للعلم بعدم بقاء ملكية المالك الثاني في عالم التعبد والتشريع، فلا يبقى شك في البين كي يستصحب.
وفيه أنه لا شك في ارتفاع الإضافة التي كانت بين المالك الأول وهذا المال بنفس العقد التام الاجزاء والشرائط، وهذا هو معنى انتقال المال بالبيع مثلا من البايع إلى المشتري بالنسبة إلى المثمن، وبالعكس بالنسبة إلى الثمن، فلا يبقى إضافة بين المال والمالك الأول، لان الإضافة اعتبارية ولا تنقطع كي يقال قطعة ارتفعت بالبيع وبقى قطعة منها، فلو كان علاقة وإضافة بين المالك الأول والمال، لابد وأن يكون حادثا بسبب الفسخ فليس شئ يحتمل بقائه كي يستصحب.
وبعبارة أخرى العقد المشكوك اللزوم ليس أمره أعظم من الموارد المعلوم جوازها بسبب الخيار، وفي العقد الخياري، يحدث علاقة بسبب الخيار، وإلا فالعلاقة التي كانت بين الملك والمالك زالت بالمرة بالعقد، والخيار المجعول من قبل المتعاقدين أو من قبل الله تعالى يوجب حدوث علاقة جديدة بين ذي الخيار والمال الذي انتقل منه إلى طرفه المسمى بحق الارجاع، أو كونه مالكا لان يملك.