وأما بناء على قول من يقول إن ملكية المشتري مثلا للثمن متوقفة على انقضاء زمن الخيار، وإلا فقبل انقضاء زمن الخيار لا تحصل ملكية بنفس العقد، فلا تحصل علاقة جديدة بالفسخ، بل الملكية من الأول موجودة لذي الخيار، وعلى هذا أيضا لا وجه للاستصحاب، لبقاء الملكية قطعا، ولكن مثل هذا الكلام على تقدير صحته في العقود الخيارية لا يمكن القول به في مطلق العقود الجائزة، لأنه لو لم تحصل الملكية بنفس العقد، فلا تحصل أصلا، لأنه ليس هناك خيار كي يقال بحصول الملكية بعد انقضاء زمان الخيار.
فقد ظهر من جميع ما ذكرنا أن علاقة المالك تزول بمحض وجود العقد الناقل ولا يبقى منها شئ قطعا ويقينا، فليس شئ يشك في بقائه كي يستصحب.
وأما احتمال أن يكون الاستصحاب من القسم الثالث من أقسام استصحاب الكلي بان يقال إن الملكية مثل السواد والبياض من الطبائع المقولة بالتشكيك، فلها مراتب مختلفة بالشدة والضعف، فإذا جاء الفسخ، فمن الممكن أن يذهب ببعض مراتبها ويبقى البعض الآخر، فإذا شك في بقاء البعض يستصحب بقائه بعد الفسخ، فيبقى بعد الفسخ على ملك المالك الثاني، وهذا عبارة أخرى عن اللزوم، لأنه بالفسخ لم ترتفع الملكية بتمامها بل بقي مرتبة منها والمعاملة الجائزة أو العقد الجائز هو أن يرجع المال بالفسخ إلى صاحبه الأول، ولا يبقى للمالك الثاني شئ منه.
هذا، ولكن فيه أن الأمور الاعتبارية وإن كان من الممكن اعتبارها شديدا أو ضعيفا كما اعتبر ذلك في النجاسة والحدث، فالحدث الأكبر أشد من الحدث الأصغر فقد عبر عن الرواية في مقام السؤال عن المرأة الجنب إذا حاضت أنه جاءها ما هو أعظم، أي الحيض أعظم من الجنابة، أو نجاسة البول أشد من نجاسة الدم مثلا، فلا ينبغي أن يشك في أن الأمور الاعتبارية أيضا مثل الأمور التكوينية يمكن أن يكون لبعض أنواعها مراتب مختلفة الشدة والضعف، مقولة بالتشكيك، وذلك باعتبار بعض