لا يكون موضوعا ويكون من هذه الجهة حال الموضوع المركب حال العلة المركبة، أي كما لا يمكن وجود المعلول قبل وجود علته بتمام أجزائها كذلك لا يمكن وجود الحكم قبل وجود الموضوع بتمامه، والبرهان في الموردين هو لزوم الخلف.
فبناء على هذا لم يكن للعنب قبل أن يجف ما لم يغل حكم كي يبقى بالاستصحاب إلى حال الجفاف، وأما القول بأن الحرمة والنجاسة الفعلية وإن لم تكونا للعنب قبل الغليان لعدم تحقق موضوعهما قبل الغليان، ولكن الحرمة النجاسة التقديريتان كانتا له بمعنى أنه كان يصح أن يقال قبل الغليان: إن العنب يتصف بالحرمة والنجاسة على تقدير غليانه، وهذا نحو وجود للحكم، ولا بأس بأن نسميه بالحكم التقديري.
وقد اختار هذا القول في الكفاية (1) وأصر في وجود الحكم التقديري قبل وجود ما علق عليه أي الجزء الآخر، وقال: فان المعلق قبله إنما لا يكون موجودا فعلا، لا أنه لا يكون موجودا أصلا ولو بنحو التعليق.
ولكن أنت خبير بفساد هذا القول العجيب، إذ لا شك في أن بداهة العقل يحكم بوجود كل معلول عند وجود علته، فهل يصح عند عدم وجود علة شئ أن يقال بالوجود التقديري لذلك المعلول في ظرف عدم علته مثلا لا شك في أن غروب الشمس عله لوجود الليل أفيصح أن يقول في وقت الظهر وارتفاع الشمس إن الليل موجود بالوجود التقديري؟ نعم الموجود هي الملازمة بين وجود العلة والمعلول، والحكم والموضوع، والملازمة حكم عقلي لا دخل ولا ربط لها بالأحكام، وقد يتحقق بين الممتنعين كتعدد الآلهة وفساد السماوات والأرضين ووجود الملازمة بين شيئين لا يدل على وجود طرفي الملازمة، بل تثبت وتصدق كما ذكرنا بين الممتنعين.