الجيد، فان تبانيا على أن يكون عوض مالهما لكل واحد منهما بمقدار نفس ماله فلا إشكال، إذ لا يكون رباء في البين، وأما لو تبانيا على أن يكون عوض مالهما لكل منهما بنسبة قيمة ماله إلى الثمن، كما لو تباينا على أن يكون ثلثي الثمن لمالك النصف الجيد والثلث الباقي لمالك النصف الردي فالمعاملة باطلة قطعا لكونها رباء.
وأما لو أطلقا ولم يكن تبان بينهما، فربما يتولد إشكال في الين، وهو أن كل واحد من المالكين للمبيع يملك من الثمن بنسبة قيمة ماله لا بنسبة مقداره وكمه، فإذا كان قيمة النصف الجيد ضعف قيمة النصف الردى فيملك مالك النصف الجيد ثلثي الثمن ومالك النصف الردي ثلثا من تلك الوزنة التي هي ثمن للنصفين فتكون المعاملة باطلة لكونها رباء، فيكون الاطلاق كالتصريح بأن يكون ثلثي الثمن لمالك النصف الجيد الذي قلنا فيه ببطلان المعاملة، لكونا رباء.
اللهم إلا أن يقال بأن ظاهر بيع مجموع النصفين بالوزنة الجيدة هو اشتراكهما في الثمن بالسوية، من حيث المقدار، وبعبارة أخرى حيث إن كل واحد منهما مالك لنصف المبيع فبواسطة البيع يصير مالكا لنصف الثمن.
ولكن فيه أنه لو فرضنا أن الثمن في نفس المفروض ليس من جنس المثمن، فبناء المعاملات على أن كل واحد من المالكين لنصف مقدار المبيع يملك من الثمن بنسبة قيمة ما يملكه من المبيع، لا بنسبة مقداره، ولذلك ترى في باب تبعض الصفقة لو باع شخص وزنتين من الحنطة إحداهما جيدة وأخرى رديئة وفرضنا أن قيمة الجيدة ضعف الرديئة بستة دنانير، فظهر أن الجيدة ملك لغير البايع ولم يجز المعاملة صاحب الجيدة فلا يملك مالك الرديئة إلا دينارين من الثمن، ويسترد الأربعة منه إن كان قبض الكل.
فالانصاف أن المعاملة المفروضة في هذه المسألة في صورة الاطلاق كالصورة التي يصرح مالك الجيدة بأن يكون له من الثمن أزيد من النصف باطلة، لكونها رباء