الالتزام بالوفاء بمضمون المعاملة مدلولا التزاميا للعمل وإنما هو مدلول التزامي للعقد - ملك للطرف الآخر ومن حقوقه.
وهذا معنى اللزوم الحقي مقابل اللزوم الحكمي كما في باب النكاح، وذلك لان اللزوم الحكمي في النكاح عبارة عن حكم الشارع بان هذا العقد لازم لا يقدر أحد على حله الا اللزوم بالطلاق، وهو أيضا ليس فسخا أو انفساخا، بل هو عبارة عن رفع العلاقة التي أوجدها بعقد النكاح، فكما ان عقد النكاح سبب لوجودها يكون الطلاق سببا لارتفاعها، ولذلك لا يأتي الخيار ولا الإقالة في النكاح، لان الحكم الشرعي لا يرتفع الا برفع الشارع تخصيصا أو نسخا، على اشكال في الأول من حيث التعبير بالرفع في التخصيص، لان التخصيص يدل على أن الحكم في مورد الخاص من أول الأمر لم يكن، لا انه كان وارتفع بالتخصيص.
وعلى هذا المبنى قلنا في باب النكاح ان الخيار في الموارد السبعة ليس من الخيار بمعناه الحقيقي، بل هو تخصيص في اللزوم الذي حكم الشارع به في باب النكاح.
إذا عرفت هذا، فنقول: ان في كل مورد كان اللزوم حقيا: اي كان التزام كل واحد من الطرفين ملكا وحقا للاخر يأتي الإقالة، لان حقيقة الإقالة رفع اليد عن حقه وما ملكه بالعقد من التزام طرفه له، فإذا رفع اليد عن حقه لا يبقى محل الالتزام طرفه، لان هذا الالتزام كان رعاية لحقه ولمراعاته، لا ان الملتزم مجبور من طرف الشارع بالبقاء عند التزامه، والا لو كان كذلك كان اللزوم حكميا - اي بحكم الشارع - لا حقيا ولمراعاة طرفه، ففي اللزوم الحقي إذا رفع كلاهما يدهما كل واحد عما التزم له صاحبه فلا يبقى مانع عن الفسخ.
واما في اللزوم الحكمي فلا تأتي الإقالة، لان اللزوم حكم شرعي ليس مربوطا بالطرفين كي يقبل كل واحد منهما صاحبه، ولذلك لا تأتي الإقالة في باب النكاح.
وبعد ان ثبت ان الصلح من العقود اللازمة العهدية التي لزومه حقي لا حكمي،