وإذا انجر الكلام إلى هذا المقام فلا بأس بالتنبيه على ما هو المختار عندي في هذه المسألة.
فأقول بعون الله تعالى ومشيته ان المستفاد من اخبار أهل بيت العصمة والطهارة سلام الله عليهم أجمعين اجزاء جميع الأغسال عن الوضوء واجبة كانت أو مندوبة من وجوه:
الأول ان جميع الأغسال عند الشارع أسباب للطهارة ولا يختص ذلك بغسل الجنابة اما سببية سائر الأغسال الواجبة لها ففي غاية الوضوح ضرورة ان كلا منها إنما يجب بملاحظة رفع حدث أكبر به فلو لم يوجب الطهارة لم يرتفع به حدث أصلا واما كون الأغسال المندوبة كذلك فيظهر من الروايات الدالة على انتقاض غسل الاحرام والطواف والزيارة بل مطلق الغسل المندوب للفعل بالحدث الأصغر إذ لو لم تكن من موجبات الطهارة لم يكن وجه لانتقاضها به.
فان قلت إنما يتم هذا الوجه في بعض الأغسال المندوبة وهو المندوب للفعل واما المندوب للوقت أو المكان فلا مع أن في روايات الأغسال المندوبة للوقت ما ينافي ذلك فان الاجتزاء بالغسل الليلي لليل وباليومي لليوم كما هو صريح الاخبار لا يجامع مع انتقاضها بالحدث الأصغر.
قلت يتم ما ذكرناه بعدم القول بالفصل إذ لا قائل بايجاب بعضها الطهارة دون بعض مع رجوع الغسل المكاني إلى المندوب للفعل لان المغيا بالغسل الدخول في المكان واما ما ذكرت من أن الاجتزاء بالغسل الليلي لليل وباليومي لليوم مناف لما ذكرناه ففي غير محله لان وظيفة كل من اليوم والليل تتأدى بالغسل الواحد فلا دلالة للرواية على بقائه إلى اخر الليل حتى ينافي ما بيناه.
والحاصل ان كلا من اليوم والليل ملحوظ بلحاظ وحدته وبساطته فيكفي له غسل واحد لا انه باق ببقاء الوقت ومن هنا ذكر بعض الفقهاء (قدس سرهم) ان الأفضل الاتيان بغسل الجمعة قريب الزوال ليكون صلاته مع الغسل إذ لو لم ينتقض