غيره لما ظهر لك من أن الغسل كالوضوء له حقيقة واحدة فلا يتفاوت الامر حينئذ بعد نية الغسل على وجه القربة بين نية جميع الأسباب الموجبة له أو بعضها وبين نية السبب الموجب له ايجابا أو ندبا فما قيل من أنه إذا نوى غسل الجنابة أجزء عن غيره ولو نوى غيره لم يجز عنه في غاية السخافة.
الثاني انه لو اغتسل قبل الوقت وبقيت طهارته حتى دخل الوقت فالظاهر اجزائه عن الغسل المندوب للوقت لان المقصود من الغسل للوقت صيرورته متطهرا بالطهارة الكبرى في الوقت ولو آنا ما وقد حصلت الطهارة في الوقت حينئذ وما اشتهر بينهم من أن الأغسال المندوبة للوقت لا تتأدى الوظيفة الا باتيانها في الوقت مما لم يقم عليه دليل بعدما عرفت ان المقصود منه الطهارة لا مجرد ايجاد السبب.
الثالث ان الطهارة المتحققة في كل من مرتبتيها صغرى وكبرى قد اعتبرت في الشرع على وجهين.
الأول اشتراط جواز العمل وصحته بها كالصلاة ومس المصحف فإنهما لا يباحان الا بالطهارة صغرى كانت أو كبرى والثاني اشتراط كمال العمل بها كما في غيرهما من المواضع التي اعتبرت فيها على وجه الكمال كتلاوة القران ونحوها.
واما الطهارة الكبرى فلم تعتبر في الشرع الا على وجه الكمال كالأغسال المندوبة للفعل والوقت والمكان.
واما الأغسال الواجبة فإنما تجب لأجل رفع الحدث الأكبر لها حيث كانت مسبوقة به لا لأجل اعتبار الطهارة الكبرى في حد نفسها في صحة عمل من الاعمال كما هو ظاهر ولذا لا يقدح في صحة الاعمال المباحة بعد الغسل انتقاضه بالحدث الأصغر واما الصلاة ومس المصحف فعدم اباحتهما عليه بعد انتقاض غسله بالحدث الأصغر فإنما هو لأجل اشتراطهما بنفس الطهارة لا بالطهارة الكبرى.