ثم التزامه بالانتقاض في خصوص الأغسال المندوبة للفعل لا وجه له مع أن الأغسال المندوبة للمكان ترجع إلى المندوبة للفعل لأنها إنما تستحب لأجل الدخول في الأمكنة الشريفة.
وينبغي التنبيه على أمور:
الأول ان المقصود بالذات من الغسل والوضوء والتيمم هي الطهارة المتحصلة منها المتحدة معها اتحاد الامر المنتزع مع منشأ انتزاعه فمرجع اعتبارها شرطا أو كما لا إلى اعتبار الطهارة المتولدة كذلك لا إلى اعتبارها بنفسها كذلك فالأوامر المتعلقة بها إنما تتعلق في الحقيقة بايجاد الطهارة عن الحدث وحيث إن وسيلة تحصيلها في الخارج لا تكون الا بالأسباب المذكورة بعث عليها مقدمة لتحصيل ما يتسبب عنها وبهذا البيان يتبين لك أمور:
الأول وجه تداخل الأغسال والوضوءات لأن الطهارة عن الحدث كالحدث لا تقبل التعدد بان يتطهر الشخص عن الحدث ثم يتطهر مرة أخرى من دون تخلل حدث حتى يستقل كل سبب منها في ايجاب طهارة منفردة عن الأخرى فإذا اجتمعت أسباب متعددة موجبة للغسل أو الوضوء يجزى عنها غسل أو وضوء واحد كما هو الحال في الطهارة عن الخبث فإنه إذا اجتمعت أسباب متعددة لحصول الخبث في محل واحد يكفي عن الجميع غسل واحد مزيل لخبث مطهر عنه ولا يجب ان يغسل المحل متعددا حسب تعدد سبب الخبث.
فظهر بما بيناه ان تداخل الأغسال منطبق على القواعد الأولية ولا يكون مخالفا للأصل تعبديا ثابتا بالنصوص كما قد يتوهم ومنه ظهر أيضا ان تداخل الأغسال والوضوءات قهري لا رخصة كما احتمله بعض وانه لا حاجة في حصول التداخل إلى نية الجميع كما أنه لا يقدح فيه نية بعضها دون بعض وانه لا فرق فيه بين أن يكون الكل واجبا أو مندوبا أو مختلفا كما أنه لا فرق في صورة الاختلاف ونية البعض بين ان ينوى الواجب أو الندب كما أنه لا فرق بين أن يكون الوجب غسل الجنابة أو