عن الحدث كالطهارة عن الخبث فكما يجوز زوال خبث دون آخر إذا لم يتماثلا واختلفا في الأثر مثل ان يجب لأحدهما الغسل ثلاث مرات وللآخر مرتين فيطهر بالمرتين عن أحد الخبثين دون الخبث الاخر فكذلك يجوز التفكيك بالنسبة إلى الاحداث المتخالفة.
قلت بعد ما عرفت اتحاد حقيقة كل من الطهارة والحدث وعدم اختلافهما باختلاف المراتب والأسباب لا مجال لما ذكرت لان الحدث لا يصير متعددا باجتماع أسبابه المختلفة على محل واحد حتى يجوز زوال بعضه دون بعض ولذا تتداخل الاحداث في صورة اجتماع الأسباب ولا يجب الا غسل واحد فهو حكم واقعي منطبق على القواعد الأولية لا انه تعبدي فمع حصول الطهارة لا مجال لبقاء حدث كما أنه مع حدوث الحدث لا مجال لبقاء الطهارة. وهكذا الامر في الخبث فإذا تنجس المحل بأسباب متعددة مختلفة الأثر لا يعقل زوال خبث منه دون خبث آخر لان الخبث العارض على محل واحد خبث واحد وان تعدد أسبابه فلا يعقل التفكيك فيه فالمحل في المثال المزبور لا يطهر الا بالغسلات الثلاثة مع أن تنظير الطهارة عن الحدث بالطهارة عن الخبث في غير محله لما عرفت من أن الأولى امر وجودي والثانية امر عدمي.
وقد اتضح بما بيناه فساد ما ذكر صاحب المدارك حيث قال: " لو تخلل الحدث لغير غسل الجنابة من الأغسال الواجبة والمندوبة فان قلنا باجزائه عن الوضوء اطرد الخلاف والا تعين اتمامه والوضوء لما ظهر لك من أن سائر الأغسال الواجبة أسباب للطهارة بالاتفاق بل الضرورة فلا يعقل بقائها على الصحة وعدم انتقاضها مع حدوث الحدث في أثنائها وإن كان الحكم بعدم اجزائها عن الوضوء حينئذ مناقضة منهم إذ لازم القول بكونها طهارات اجزائها عن الوضوء وإنما يتم ما ذكره في الأغسال المندوبة حيث إنها لا تكون أسبابا للطهارة عند الأكثر القائلين بعدم اجزائها عن الوضوء.