مجتنبا للكبائر، غير مصر على الصغائر. والعدل في المروءة: أن يجتنب الأمور الدنية التي تسقط المروءة.
وحاصله: أنه لا تقبل شهادة صاحب كبيرة، ولا مصر على صغيرة، لان المتصف بذلك فاسق. وإنما قلنا: إنه فاسق، لان الفسق لغة: الخروج. لهذا يقال: فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها. والفسق في الشرع: الميل عن الطريقة.
وحد الكبيرة: ارتكاب ما يوجب الحد. ذكره البغوي. وقيل: ما يلحق صاحبها وعيد شديد بنص كتاب أو سنة. قاله الرافعي. وقال الماوردي: الكبيرة ما أوجبت الحد، أو توجه بسببها إلى الفاعل وعيد. والصغيرة: ما قل فيها الاثم.
ومن شروط العدالة: أن يكون العدل سليم السريرة، مأمونا عند الغضب، محافظا على مروءة مثله. فلا تقبل شهادة القمام، وهو الذي يجمع القمامة - أي الكناسة - ويحملها. وكذا القيم في الحمامات ومن يلعب بالحمام - أي يطيرها - لينظر تقلبها في الجو. وكذا المغني، سواء أتاهم أو أتوه. وكذا الرقاص، كالصوفية الذين يسعون إلى ولائم الظلمة والمكاسين، ويظهرون التواجد عند رقصهم وتحريك رؤوسهم، وتلويح لحاهم الخسيسة، كصنع المجانين. وإذا قرئ القرآن لا ينصتون. وإذا تغنى مزمار الشيطان: صاح بعضهم ببعض، أو شاش وأزبد، وأرغى وتواجد. قاتلهم الله تعالى. ما أفسقهم وأزهدهم في كتاب الله! وما أرغبهم في مزامير الشيطان. وما أسبقهم إلى التفاخر في البدع، وما أشبههم بالشياطين.
وكذا لا تقبل شهادة من يأكل في الأسواق ومثله لا يعتاده، بخلاف من يأكل قليلا على باب دكانه ممن عادتهم الغداء في الأسواق. كالصباغين والسماسرة وغيرهم. ممن هو في معناه. وكذا لا تقبل شهادة من يمد رجله عند الناس بغير مرض، ولا من يلعب بالشطرنج على قارعة الطريق، ولا من يكشف من بدنه ما لا يعتاد، وإن لم يكن عورة، ولا من يكثر من الحكايات المضحكة، أو يذكر أهله أو زوجته بالسخف.
ومدار ذلك كله: على حفظ المروءة. لان حفظها من الحياء ووفور العقل.
وحد المروءة: أن يصون نفسه عن الأدناس، وما يشينها بين الناس. وقيل: أن يسير سير أشكاله في زمانه ومكانه.
والتوبة: فيما بين العبد وبين الله تعالى. وهي تسقط الاثم. ويشترط فيها إقلاع