تجب دية. واختلفوا في الواجب بقتل العمد: هل هو معين أم لا؟ فقال أبو حنيفة ومالك، في إحدى روايتيه: الواجب معين، وهو القود. والرواية الأخرى: التخيير بين الدية والقود. وعن الشافعي قولان. أحدهما: الواجب لا بعينه. والثاني، وهو الصحيح:
أن الواجب القصاص عينا، ولكن له العدول إلى الدية. وإن لم يرض الجاني. وعن أحمد روايتان كالمذهبين.
وفائدة الخلاف في هذه المسألة: أنه إذا عفا مطلقا سقطت الدية. ولو عفا الولي عن القصاص عاد إلى الدية بغير رضى الجاني. وقال أبو حنيفة: ليس له العدول إلى المال إلا برضى الجاني. وقال الشافعي وأحمد: له ذلك مطلقا. وعن مالك روايتان.
كالمذهبين.
واتفقوا على أنه إذا عفا رجل من أولياء الدم سقط القصاص. وانتقل الامر إلى الدية. واختلفوا فيما إذا عفت المرأة. فقال أبو حنيفة والشافعي وأحمد: يسقط القود.
واختلفت الرواية عن مالك في ذلك. فنقل عنه: أنه لا مدخل للنساء في الدم. ونقل عنه: أن لهن مدخل في الدماء كالرجال، إذا لم يكن في درجتهن عصبة. فعلى هذا: ففي أي شئ لهن مدخل؟ عنه روايتان. إحداهما: في القود دون العفو. والثانية: في العفو دون القود. واتفقوا على أن الأولياء البالغين المستحقين إذا حضروا وطلبوا القصاص لم يؤخر، إلا أن يكون الجاني امرأة حاملا، فتؤخر حتى تضع. وعلى أنه إذا كان المستحقون صغارا، أو غائبين. فإن القصاص يؤخر، إلا أبا حنيفة. فإنه قال: في الصغار إذا كان لهم أب استوفى القصاص ولم يؤخر.
ولو كان من المستحقين صغار أو غائب أو مجنون. فقد اتفق الأئمة على أن القصاص يؤخر في مسألة الغائب. ثم اختلفوا في الصغير والمجنون. فقال أبو حنيفة ومالك: لا يؤخر القصاص لأجلهما. وقال الشافعي: يؤخر القصاص حتى يفيق المجنون ويبلغ الصغير. وعن أحمد روايتان. أظهرهما: أنه يؤخر. والثانية: لا يؤخر.
فصل: وليس للأب أن يستوفي القصاص لولده الكبير بالاتفاق. وهل له أن يستوفيه لولده الصغير؟ قال أبو حنيفة ومالك: ليس له ذلك، سواء كان شريكا له أم لا، وسواء كان في النفس أو الطرف. وقال الشافعي وأحمد، في أظهر روايتيه: ليس له أن يستوفيه.
واختلفوا في الواحد يقتل الجماعة. فقال أبو حنيفة ومالك: ليس عليه إلا القود لجماعتهم، ولا يجب عليه شئ آخر. وقال الشافعي: إن قتل واحدا بعد واحد. قتل