ولا فرق بين أن يخدشه بحجر أو عصا، أو يغرقه، أو يحرقه بالنار، أو يخنقه، أو يطين عليه بيتا. ويمنعه الطعام والشراب حتى يموت جوعا، أو يضغطه، أو يهدم عليه بيتا. أو يضربه بحجر عظيم، أو خشبة عظيمة محددة أو غير محددة. وبذلك قال أبو يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: إنما القصاص عند القتل بالنار أو بالمحدد من الحديد، أو الخشبة المحددة، أو الحجر المحدد. فأما إن غرقه بالماء، أو قتله بحجر أو خشبة غير محددة: فإنه لاقود. وقال الشافعي، والنخعي، والحسن البصري: لاقود إلا في حديد.
ولو ضربه فاسود الموضع، أو كسر عظامه في داخل الجلد. فعن أبي حنيفة في ذلك روايتان. واختلفوا في عمد الخطأ. وهو أن يتعمد الفعل ويخطئ في القصد، أو يضرب بسوط لا يقتل مثله غالبا، أو يلكزه أو يلطمه لطما بليغا. ففي ذلك الدية دون القود عند أبي حنيفة والشافعي وأحمد. إلا أن الشافعي وأحمد قالا: إن كرر الضرب حتى مات. فعليه القود. وقال مالك: بوجوب القود في ذلك. واختلفوا فيما إذا أكره رجل رجلا على قتل آخر. فقال أبو حنيفة: يقتل المكره دون المباشر. وقال مالك وأحمد: يقتل المباشر. وقال الشافعي: يقتل المكره - بكسر الراء - قولا واحدا. وفي قتل المكره - بفتح الراء - قولان. الراجح من مذهبه: أن عليهما القصاص جميعا. فإن كافأه أحدهما فقط. فالقصاص عليه. واختلفوا في صفة المكره. فقال مالك: إذا كان سلطانا أو متغلبا، أو سيدا مع عبده. أقيد بهما جميعا، إلا أن يكون العبد أعجميا جاهلا بتحريم ذلك. فلا يجب عليه القود. وقال الباقون: يصح الاكراه من كل ذي يد عادية.
واختلفوا فيما إذا أمسك رجل رجلا فقتله آخر. فقال أبو حنيفة والشافعي: القود على القاتل دون الممسك. ولم يوجب على الممسك شيئا إلا التعزير.
وقال مالك: الممسك والقاتل شريكان في القتل. فيجب عليهما القود إذا كان القاتل لا يمكنه قتله إلا بالامساك، وكان المقتول لا يقدر على الهرب بعد الامساك.
وقال أحمد في إحدى روايتيه: يقتل القاتل، ويحبس الممسك حتى يموت. وفي الرواية الأخرى: يقتلان جميعا على الاطلاق.
فصل: لو شهدوا بالقتل، ثم رجعوا عن الشهادة بعد استيفاء القصاص، وقالوا:
تعمدنا، أو جاء المشهود بقتله حيا. قال أبو حنيفة: لاقود، بل يجب دية مغلظة. وقال الشافعي: يجب القصاص. وكذلك قال مالك في المشهور عنه.
واتفقوا على أنهم لو رجعوا، أو قالوا: أخطأنا، لم يجب عليهم قصاص. وإنما