فصل: واتفقوا على أن الدية في قتل الخطأ على عاقلة الجاني. وأنها تجب عليهم مؤجلة في ثلاث سنين. واختلفوا: هل يدخل الجاني مع العاقلة فيؤدي معهم؟
فقال أبو حنيفة: هو كأحد العاقلة، يلزمه ما يلزم أحدهم. واختلف أصحاب مالك. فقال ابن القاسم كقول أبي حنيفة. وقال غيره: لا يدخل الجاني مع العاقلة.
وقال الشافعي: إن اتسعت العاقلة أو لم تتسع، وعلى هذا: إذا لم تتسع العاقلة لتحمل جميع الدية، انتقل ذلك إلى بيت المال.
وإن كان الجاني من أهل الديوان. فهل يلحق أهل ديوانه بالعصبة في الدم أم لا؟
قال أبو حنيفة: ديوانه عاقلته، ويقدمون على العصبة في التحمل. فإن عدموا فحينئذ تتحمل العصبة. وكذا عاقلة السوقي أهل سوقه، ثم قرابته. فإن عجزوا فأهل محلته. فإن لم تتسع فأهل بلدته. وإن كان الجاني من أهل القرى ولم يتسع، فالمصر الذي يلي تلك القرية من سواده.
وقال مالك والشافعي وأحمد: لا مدخل لهم في الدية إذا لم يكونوا أقارب الجاني.
واختلفوا فيما تحمله العاقلة من الدية. هل هو مقدر. أم هو على قدر الطاقة والاجتهاد؟ فقال أبو حنيفة: يسوى بين جميعهم. فيؤخذ من ثلاثة دراهم إلى أربعة.
وقال مالك وأحمد: ليس فيه مؤقت، وإنما هو بحسب التسهيل، ولا يضر به.
وقال الشافعي: يتقدر، فيوضع على الغني نصف دينار، وعلى متوسط الحال ربع دينار، ولا ينقص من ذلك. وهل يستوي الفقير والغني من العاقلة في تحمل الدية أم لا؟ قال أبو حنيفة: يستويان. وقال مالك والشافعي وأحمد: يتحمل الغني زيادة على المتوسط.
والغائب من العاقلة: هل يحمل شيئا من الديات كالحاضر أم لا؟ قال أبو حنيفة وأحمد: هما سواء. وقال مالك: لا يتحمل الغائب مع الحاضر شيئا إذا كان الغائب من العاقلة في إقليم آخر سوى الإقليم الذي فيه بقية العاقلة. ويضم إليهم أقرب القبائل ممن هو محارب معهم. وعن الشافعي كالمذهبين.
واختلفوا في ترتيب التحمل. فقال أبو حنيفة: القريب والبعيد فيه سواء. وقال الشافعي وأحمد: ترتيب التحمل على ترتيب الأقرب من العصبات. فإن استغرقوه لم يقسم على غيرهم. فإن لم يتسع الأقرب لتحمله، دخل الابعد. وهكذا حتى يدخل فيهم أبعدهم درجة على حسب الميراث. وابتداء حول العقل: هل يعتبر بالموت أو بحكم