يشترط كون السفر مباحا إما قربة كالحج والجهاد وزيارة الوالدين أو مباحا كطلب المعاش وطلب التجارات، وأما المعصية فلا يجوز الدفع إليه فيها لأنه إعانة عليها فهو كفعلها فإن وسيلة الشئ جارية مجراه، وإن كان السفر للنزهة ففيه وجهان: أحدهما يدفع إليه لأنه غير معصية. والثاني لا يدفع إليه لأنه لا حاجة به إلى هذا السفر. قال شيخنا ويقوى عندي انه لا يجوز الدفع للسفر إلى غير بلده لأنه لو جاز ذلك لجاز للمنشئ للسفر من بلده ولان هذا السفر إن كان لجهاد فهو يأخذ له من سهم سبيل الله وإن كان حجا فغيره أهم منه، وإذا لم يجز الدفع في هذين ففي غيرهما أولى، وإنما ورد الشرع بالدفع إليه لرجوعه إلى بلده لأنه أمر تدعو حاجته إليه ولا غناء به عنه فلا يجوز إلحاق غيره به لأنه ليس في معناه فلا يصح قياسه عليه ولأنه لا نص فيه فلا يثبت جوازه لعدم النص والقياس * (مسألة) * (ويعطى الفقير والمسكين ما يغنيهما) لأن الدفع إليهما للحاجة فيقدر بقدرها فإن قلنا إن الغنى هو ما تحصل به الكفاية أعطي ما يكفيه في حول كامل لأن الحول يتكرر وجوب الزكاة بتكرره فينبغي أن يأخذ ما يكفيه إلى مثله ويعتبر وجود الكفاية له ولعائلته ومن يمونه لأن كل واحد منهم مقصود دفع حاجته فيعتبر له ما يعتبر للمنفرد.
وان قلنا إن الغنى يحصل بخمسين درهما جاز أن يأخذ له ولعائلته حتى يصير لكل واحد منهم خمسون قال أحمد في رواية أبى داود فيمن يعطى الزكاة وله عيال يعطي كل واحد من عياله خمسين خمسين * (مسألة) * (ويعطى العامل قدر أجرته) لأن الذي يأخذه بسبب العمل فوجب أن يكون بمقداره (والمؤلف ما يحصل به التأليف لأنه المقصود) " مسألة " (والغارم والمكاتب ما يقضيان به دينهما) لأن حاجتهما إنما تندفع بذلك " مسألة " (والغازي ما يحتاج إليه لغزوه وإن كثر) فيدفع إليه قدر كفايته وشراء السلاح والفرس إن كان فارسا وحمولته ودرعه وسائر ما يحتاج إليه لغزوه وان كثر لأن الغزو إنما يحصل بذلك، ومتى ادعى انه يريد الغزو قبل قوله لأنه لا يمكن إقامة البينة على نيته ويدفع إليه دفعا مراعى، فإن لم يغز رده لأنه أخذه لذلك، وان مضى إلى الغزو فرجع من الطريق أو لم يتم الغزو الذي دفع إليه من أجله رد ما فضل معه لأن الذي أخذ لأجله لم يفعله كله " مسألة " (ولا يزاد أحد منهم على ذلك لما ذكرنا) ولان الدفع لحاجة فوجب أن يتقيد بها، وان اجتمع في واحد سببان كالغارم الفقير دفع إليه لهما لأن كل واحد منهما سبب للاخذ فوجب أن يثبت حكمه حيث وجد