وقول عائشة رضي الله عنها لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن المساجد كما منعت نساء بني إسرائيل ولنا ما ذكرنا من سنة النبي صلى الله عليه وسلم وهي أحق أن تتبع، وقول عائشة مختص بمن أحدثت دون غيرها، ولا شك في أن تلك يكره لها الخروج وإنما يستحب لهن الخروج غير متطيبات ولا يلبسن ثوب شهرة ولا زينة ويخرجن في ثياب البذلة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " وليخرجن تفلات " ولا يخالطن الرجال بل يكن ناحية منهم * (مسألة) * (وإذا غدا من طريق رجع في أخرى) الرجوع في غير الطريق التي غدا منها سنة وبه قال مالك والشافعي لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله. قال أبو هريرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج يوم العيد في طريق رجع في غيره. قال الترمذي هذا حديث حسن، قال بعض أهل العلم إنما فعل هذا قصدا لسلوك الابعد في الذهاب ليكثر ثوابه وخطواته إلى الصلاة ويعود في الأقصر لأنه أسهل، وقيل كان يحب أن يشهد له الطريقان، وقيل كان يحب المساواة بين أهل الطريقين في التبرك بمروره بهم وسرورهم برؤيته وينتفعون بمسئلته، وقيل لتحصل الصدقة ممن صحبه على أهل الطريقين من الفقراء، وقيل ليشترك الطريقان بوطئه عليهما. وفي الجملة الاقتداء به سنة لاحتمال بقاء المعنى الذي فعله لأجله ولأنه قد يفعل الشئ لمعنى ويبقى في حق غيره سنة مع زوال المعنى كالرمل والاضطباع في طواف القدوم فعله هو وأصحابه لاظهار الجلد للكفار وهي سنة. قال عمر رضي الله عنه فيم الرملان الآن ولمن نبدي مناكبنا وقد نفى الله المشركين؟ ثم قال مع ذلك لا ندع شيئا فعلناه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
(٢٣٣)