وجملة ذلك أن الصلاة على الراحلة لأجل المرض لا تخلو من ثلاثة أحوال: أحدها أن يخاف الانقطاع عن الرفقة أو العجز عن الركوب أو زيادة المرض ونحوه فيجوز له ذلك كما ذكرنا في صلاة الخوف، الثاني أن لا يتضرر بالنزول ولا يشق عليه فيلزمه النزول كالصحيح، الثالث أن يشق عليه النزول مشقة يمكن تحملها من غير خوف ولا زيادة مرض ففيه الروايتان إحداهما لا تجوز له الصلاة على الراحلة لأن ابن عمر كان ينزل مرضاه احتج به أحمد ولأنه قادر على أفعال الصلاة من غير ضرر كثير فلزمه كغير الراكب، والثانية يجوز اختارها أبو بكر لأن المشقة في النزول أكثر من المشقة عليه في المطر فكان إباحتها ها هنا أولى، ومن نظر الرواية الأولى قال إن نزول المريض يؤثر في حصوله على الأرض وهو أسكن له وأمكن للصلاة، والممطور يتلوث بنزوله ويتضرر بحصوله على الأرض فالمريض يتضرر بنفس النزول لا في الحصول على الأرض والممطور يتضرر بحصوله على الأرض دون نفس النزول فقد اختلفت جهة الضرر فلا يصح الالحاق * (فصل) * في قصر الصلاة، قصر الصلاة في السفر جائز والأصل فيه الكتاب والسنة والاجماع أما الكتاب فقوله سبحانه وتعالى (وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا) وقال يعلي بن أمية الضمري قلت لعمر بن الخطاب (ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ان خفتم أن يفتنكم الذين كفروا) وقد أمن الناس. فقال عجبت مما عجبت منه. فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته " أخرجه مسلم. وتواترت الاخبار أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصر في أسفاره حاجا ومعتمرا وغازيا، قال أنس خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة فصلى ركعتين حتى رجع وأقمنا بمكة عشرا نقصر الصلاة، وقال ابن عمر صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قبض - يعني في السفر - فكان لا يزيد على ركعتين، وأبا بكر حتى قبض فكان لا يزيد على ركعتين،، وعمر وعثمان كذلك متفق عليه. وأجمعت الأمة على أن من سافر سفرا تقصر في مثله الصلاة في حج أو عمرة أو جهاد ان له قصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين * (مسألة) * (ومن سافر سفرا مباحا يبلغ ستة عشر فرسخا فله قصر الصلاة الرباعية خاصة إلى ركعتين)
(٩٠)