واختلف العلماء في الغنى المانع من أخذ الزكاة فنقل عن أحمد فيها روايتان (إحداهما) أنه ملك خمسين درهما أو قيمتها من الذهب، أو وجود ما تحصل به الكفاية على الدوام من مكسب أو تجارة أو أجر أو عقار أو نحو ذلك، ولو ملك من الحبوب أو العروض أو العقار أو السائمة مالا تحصل به الكفاية لم يكن غنيا اختاره الخرقي وهذا قول الثوري والنخعي وابن المبارك وإسحاق وروي عن علي وابن مسعود انهما قالا لا تحل الصدقة لمن له خمسون درهما أو قيمتها أو عدلها من الذهب لما روى عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من سأل وله ما يغنيه جاءت مسئلته يوم القيمة خموشا أو خدوشا أو كدوحا في وجهه) فقيل يا رسول الله ما الغنى؟ قال " خمسون درهما أو قيمتها من الذهب " رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن فإن قيل هذا يرويه حكيم ابن جبير وكان شعبة لا يروي عنه وليس بقوي في الحديث قلنا قد قال عبد الله بن عثمان لسفيان حفظي أن شعبة لا يروي عن حكيم بن جبير فقال سفيان حدثناه زبيد عن محمد بن عبد الرحمن وقد قال علي وعبد الله مثل ذلك (الثانية) أن الغنى ما تحصل به الكفاية فإذا لم يكن محتاجا حرمت عليه الصدقة وإن لم يملك شيئا وإن كان محتاجا حلت له المسألة وان ملك نصابا والأثمان وغيرهما في هذا سواء وهذا اختيار أبي الخطاب وابن شهاب العكبري وقول مالك والشافعي لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقبيصة بن المخارق " لا تحل المسألة الا لاحد ثلاثة: رجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجى من قومه قد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو سدادا من عيش " رواه مسلم فمد إباحة المسألة إلى وجود إصابة القوام أو السداد ولان الحاجة هي الفقر والغني ضدها فمن كان محتاجا فهو فقير فيدخل في عموم النص ومن استغنى دخل في عموم النصوص المحرمة، والحديث الأول فيه ضعف ثم يجوز أن تحرم المسألة ولا يحرم أخذ الصدقة إذا جاءته من غير مسألة فإن المذكور فيه تحريم المسألة فيقتصر عليه وقال الحسن وأبو عبيد الغنى ملك أوقية وهي أربعون درهما لما روى أبو سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من سأل وله قيمة أوقية فقد ألحف " وكانت الأوقية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين درهما رواه أبو داود. وقال أصحاب الرأي: الغنى المانع من أخذ الزكاة هو الموجب لها وهو ملك نصاب تجب فيه الزكاة من الأثمان أو العروض المعدة للتجارة أو السائمة أو غيرها لقول النبي
(٦٩٣)