رضي الله عنه طالبهم بالزكاة وقاتلهم عليها وقال: والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليها. ووافقه الصحابة على هذا، ولان ما للإمام قبضه بحكم الولاية لا يجوز دفعه إلى المولى عليه كولي اليتيم وللشافعي قولان كالمذهبين ولنا على جواز دفعها بنفسه أنه دفع الحق إلى مستحقه الجائز تصرفه فأجزأه كما لو دفع الدين إلى غريمه وكزكاة الأموال الباطنة والآية تدل على أن للإمام أخذها ولا خلاف فيه ومطالبة أبي بكر لهم بها لكونهم لم يؤدوها إلى أهلها ولو أدوها إلى أهلها لم يقاتلهم عليها لأن ذلك مختلف في إجزائه ولا يجوز المقاتلة من أجله وإنما يطالب الإمام بحكم الولاية والنيابة عن مستحقها، فإذا دفعها إليهم جاز لأنهم أهل رشد بخلاف اليتيم وأما وجه فضيلة دفعها بنفسه فلانه إيصال للحق إلى مستحقه مع توفير أجر العمالة وصيانة حقهم عن خطر الجناية، ومباشرة تفريج كربة مستحقها واغنائه بها مع اعطائها للأولى بها من محاويج أقاربه وذوي رحمه وصلة رحمه بها فكان أفضل كما لو لم يكن اخذها من أهل العدل، فإن قيل فالكلام في الإمام العادل والخيانة مأمونة في حقه، قلنا الإمام لا يتولى ذلك بنفسه وإنما يفوضه إلى نوابه فلا تؤمن منهم الخيانة، ثم ربما لا يصل إلى المستحق الذي قد علمه المالك من أهله وجيرانه شئ منها وهم أحق الناس بصلته وصدقته ومؤاساته، وقولهم إن أخذ الإمام يبرئه ظاهرا وباطنا، قلنا يبطل هذا بدفعها إلى غير العادل فإنه يبرأ أيضا وقد سلموا أنه ليس بأفضل، ثم إن البراءة الظاهرة تكفي وقولهم إنه تزول به التهمة، قلنا متى أظهرها زالت التهمة سواء أخرجها بنفسه أو دفعها إلى الإمام، ولا يختلف المذهب أن دفعها إلى الإمام جائز سواء كان عادلا أو غير عادل، وسواء كانت من الأموال الظاهرة أو الباطنة، ويبرأ بدفعها سواء تلفت في يد الإمام أو لا، أو صرفها في مصارفها أو لم يصرفها، لما ذكرنا عن الصحابة رضي الله عنهم، ولان الإمام نائب عنهم شرعا فبرئ بدفعها إليه كولي اليتيم إذا قبضها
(٦٧٥)