* (فصل) * فإن سافر لزيارة القبور والمشاهد فقال ابن عقيل لا يباح له الترخص لأنه منهي عن السفر إليها لقوله عليه السلام " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد " متفق عليه قال شيخنا والصحيح اباحته وجوز الترخص فيه لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي قباء راكبا وماشيا، وكان يزور القبور وقال " زورها تذكركم الآخرة " والحديث المذكور محمول على نفي الفضيلة لا على التحريم، وليست الفضيلة شرطا في إباحة القصر فلا يضر انتفاؤها * (فصل) * الشرط الثاني: أن تكون مسافة سفره ستة عشر فرسخا فما زاد، قال الأثرم قيل لأبي عبد الله في حكم القصر للصلاة؟ قال في أربعة برد. قيل له مسيرة يوم تام؟ قال لا أربعة برد ستة عشر فرسخا مسيرة يومين والفرسخ ثلاثة أميال، قال القاضي والميل اثنا عشر الف قدم وذلك مسيرة يومين قاصدين، وقد قدره ابن عباس من عسفان إلى مكة ومن الطائف إلى مكة ومن جده إلى مكة وذكر صاحب المسالك ان من دمشق إلى القطيفة أربعة وعشرين ميلا ومن دمشق إلى الكسوة اثنا عشر ميلا ومن الكسوة إلى جاسم أربعة وعشرون ميلا فعلى هذا تكون مسافة القصر يومين قاصدين، وهذا قول ابن عباس وابن عمر وهو مذهب مالك والليث والشافعي وإسحق. وروي عن ابن عمر انه يقصر في مسيرة عشرة فراسخ حكاه ابن المنذر، وروي نحوه عن ابن عباس أنه قال يقصر في يوم ولا يقصر فيما دونه واليه ذهب الأوزاعي، قال ابن المنذر عامة العلماء يقولون مسيرة يوم تام وبه نأخذ. وروي عن ابن مسعود انه يقصر في مسيرة ثلاثة أيام وبه قال الثوري وأبو حنيفة لقول النبي صلى الله عليه وسلم " يمسح المسافر ثلاثة أيام ولياليهن " وهذا يقتضي أن كل مسافر له ذلك ولان الثلاثة متفق عليها وليس في ما دونها توقيف ولا اتفاق. وروي عن جماعة من السلف ما يدل على جواز القصر في أقل من يوم. فقال الأوزاعي كان أنس يقصر فيما بينه وبين خمسة فراسخ وكان قبيصة بن ذؤيب وهانئ بن كلثوم وابن محيريز يقصرون فيما بين الرملة وبيت المقدس، وروي عن علي رضي الله عنه انه خرج من قصره بالكوفة حتى أتى النخيلة فصلى بها الظهر والعصر ركعتين ثم رجع من يومه فقال أردت أن أعلمكم سننكم. وروي أن دحية الكلبي خرج
(٩٣)