* (مسألة) * (الفقراء وهم الذين لا يجدون ما يقع موقعا من كفايتهم (الثاني) المساكين وهم الذين يجدون معظم كفايتهم) الفقراء والمساكين صنفان في الزكاة وصنف واحد في سائر الأحكام لأن كل واحد من الاسمين ينطلق عليهما، فأما إذا جمع بين الاسمين وميز المسميين تميزا وكلاهما يشعر بالحاجة والفاقة وعدم الغنى إلا أن الفقير أشد حاجة من المسكين لأن الله تعالى بدأ به وإنما يبدأ بالأهم فالأهم، وبهذا قال الشافعي والأصمعي، وذهب أبو حنيفة إلى أن المسكين أشد حاجة، وبه قال الفراء وثعلب وابن قتيبة لقول الله تعالى (أو مسكينا ذا متربة) وهو المطروح على التراب لشدة حاجته وأنشد أما الفقير الذي كانت حلوبته * وفق العيان فلم يترك له سبد فأخبر أن الفقير حلوبته وفق عياله ولنا أن الله تعالى بدأ بالفقراء فيدل على أنهم أهم، وقال تعالى (أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر) فأخبر أن المساكين لهم سفينة يعملون فيها. ولان النبي صلى الله عليه وسلم قال " اللهم أحيني مسكينا، وأمتني مسكينا، واحشرني في زمرة المساكين " (1) وكان يستعيذ من الفقر، ولا يجوز أن يسأل شدة الحاجة ويستعيذ من حالة أصلح منها، ولان الفقير مشتق من فقر الظهر فعيل بمعنى مفعول أي مفقور وهو الذي نزعت فقره ظهره فانقطع صلبه قال الشاعر:
لما رأى لبد النسور تطايرت * رفع القوادم كالفقير الأعزل أي لم يطق الطيران كالذي انقطع صلبه والمسكين مفعيل من السكون وهو الذي أسكنته الحاجة ومن كسر صلبه أشد حالا من الساكن، فأما الآية فهي حجة لنا لأن نعت الله سبحانه المسكين بكونه ذا متربة يدل على أن هذا النعت لا يستحقه باطلاق اسم المسكنة كما يقال ثوب ذو علم ويجوز التعبير عن الفقير بالمسكين بقرينة وبغير قرينة والشعر أيضا حجة لنا، فإنه أخبر أن الذي كانت حلوبته وفق العيال لم يترك له سبد فصار فقيرا لا شئ له إذا تقرر ذلك فالفقير الذي لا يقدر على كسب ما يقع موقعا من كفايته ولا له من الأجرة أو من المال الدائم ما يقع موقعا من كفايته ولا له خمسون درهما ولا قيمتها من الذهب مثل الزمنى والمكافيف