لأنه أحد رخص السفر فبطل بذلك كالقصر والمسح ولأنه زال شرطها في أثنائها أشبه سائر شروطها ويفارق انقطاع المطر من وجهين أحدهما انه لا يتحقق انقطاعه لاحتمال عوده في أثناء الصلاة، والثاني انه يخلفه عذر مبيح وهو الوحل بخلاف مسألتنا وهكذا الحكم في المريض يزول عذره في أثناء الصلاة الثانية. فأما إن لم يزل العذر إلا بعد الفراغ من الثانية قبل دخول وقتها صح الجمع ولم يلزمه إعادة الثانية في وقتها لأن الصلاة وقعت صحيحة مجزئة مبرئة للذمة فلم تشتغل الذمة بها بعد ذلك كالمتيمم إذا وجد الماء في الوقت بعد فراغه من الصلاة * (فصل) * وإذا جمع في وقت الأولى فله أن يصلي سنة الثانية منهما ويوتر قبل دخول الثانية لأن سنتها تابعة لها فتتبعها في فعلها ووقتها ولان الوتر وقته ما بين صلاة العشاء والصبح وقد صلى العشاء فدخل وقته * (مسألة) * (وإن جمع في وقت الثانية كفاه نية الجمع في وقت الأولى ما لم يضق عن فعلها واستمرار العذر إلى دخول وقت الثانية منهما) ولا يشترط غير ذلك متى جمع في وقت الثانية فلا بد من نية الجمع في وقت الأولى، فموضع النية في وقت الأولى من أوله إلى أن يبقى منه قدر ما يصليها هكذا ذكره أصحابنا لأنه متى أخرها عن ذلك بغير نية صارت قضاء لا جمعا ولان تأخيرها عن القدر الذي يضيق عن فعلها حرام.
قال شيخنا ويحتمل أن يكون وقت النية أن يبقى منه قدر ما يدركها به وهو ركعة أو تكبيرة على ما ذكرنا متقدما، ويعتبر بقاء العذر إلى حين دخول وقت الثانية فإن زال في وقت الأولى كالمريض يبرأ والمسافر يقدم والمطر ينقطع لم يبح الجمع لزوال سببه، وان استمر إلى وقت الثانية جمع وإن زال العذر لأنهما صارتا واجبتين في ذمته فلا بد له من فعلها * (فصل) * ولا يشترط المواصلة بينهما إذا جمع في وقت الثانية لأنه متى صلى الأولى فالثانية في وقتها لا يخرج بتأخيرها عن كونها مؤداة. وفيه وجه إن المواصلة مشترطة لأن حقيقة الجمع ضم الشئ إلى الشئ ولا يحصل مع التفريق، والصحيح الأول لأن الأولى بعد وقوعها صحيحة لا تبطل بشئ يوجد بعدها، والثانية لا تقع إلا في وقتها