تجب الجمعة من رجل؟ قال لما بلغ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسين جمع بهم رسول الله صلى الله عليه، وعنه رواية ثالثة انها تنعقد بثلاثة وهو قول الأوزاعي لأن اسم الجمع يتناوله فانعقدت به الجمعة كالأربعين ولان الله تعالى قال (فاسعوا إلى ذكر الله) بصيغة الجمع فيدخل فيه الثلاثة.
وحكى أبو الحرث عن الإمام أحمد إذا كانوا ثلاثة من أهل القرى جمعوا فيحتمل أن يختص ذلك أهل القرى لقلتهم، وقال أبو حنيفة تنعقد بأربعة لأنه عدد زيد على أقل الجمع المطلق أشبه الأربعين وقال ربيعة تنعقد باثني عشر لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلي مصعب بن عمير بالمدينة فأمره أن يصلي عند الزوال ركعتين وأن يخطب فيهما، فجمع مصعب بن عمير في بيت سعد بن خيثمة باثني عشر رجلا، وعن جابر قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة فقدمت سويقة فخرج الناس إليها فلم يبق إلا اثنى عشر رجلا أنا فيهم فأنزل الله (وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها) الآية. رواه مسلم، وما يشترط للابتداء يشترط للاستدامة ولنا حديث كعب الذي رويناه وفى الحديث قلت له كم كنتم يومئذ؟ قال أربعون. رواه الدارقطني، وقول الصحابي مضت السنة تنصرف إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم. فأما حديث مصعب بن عمير انهم كانوا اثنا عشر فلا يصح فإن حديث كعب أصح منه، رواه أصحاب السنن والخبر الآخر يحتمل انهم عادوا فحضروا القدر الواجب، ويحتمل انهم عادوا قبل طول الفصل.
وأما الثلاثة والأربعة فتحكم بالرأي فيما لا مدخل للرأي فيه لأن التقدير بابه التوقيف ولا معنى لاشتراط كونه جمعا ولا للزيادة على الجمع إذ لا نص فيه ولا معنى نص، ولو كان الجمع كافيا لاكتفى باثنين لأن الجماعة تنعقد بهما.