اختلفت الرواية في اشتراط الطهارة للخطبة وللشافعي قولان كالروايتين، وقد قال أحمد فيمن خطب وهو جنب ثم اغتسل وصلى بهم تجزيه. قال شيخنا والأشبه بأصول المذهب اشتراط الطهارة الكبرى لكون قراءة آية شرطا للخطبة، ولا يجوز ذلك للجنب. فأما الطهارة الصغرى فالصحيح انها لا تشترط لأنه ذكر يتقدم الصلاة فلم تكن الطهارة فيه شرط كالاذان ولأنه لو اشترطت لهما الطهارة لاشترط الاستقبال كالصلاة، وعنه انها تشترط لهما كتكبيرة الاحرام ولكن يستحب أن يكون متطهرا من الحدث والنجس لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي عقيب الخطبة لا يفصل بينهما بطهارة فيدل على أنه كان متطهرا والاقتداء به إن لم يكن واجبا فهو سنة * (فصل) * ويشترط أن يتولاهما من يتولى الصلاة في إحدى الروايتين لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله وقد قال " صلوا كما رأيتموني أصلي " ولان الخطبة أقيمت مقام ركعتين لكن يجوز الاستخلاف للعذر ففي الخطبة والصلاة أولى، وعنه يجوز الاستخلاف لغير عذر فإنه قال في الإمام يخطب يوم الجمعة ويصلي الأمير بالناس، لا بأس إذا حضر الأمير الخطبة لأن الخطبة منفصلة عن الصلاة فأشبها الصلاتين، وهل يشترط أن يكون المصلي ممن حضر الخطبة فيه روايتان: إحداهما يشترط وهو قول الثوري وأصحاب الرأي لأنه إمام في الجمعة فاشترط حضور الخطبة كما لو لم يستخلف والثانية لا يشترط وهو قول الأوزاعي والشافعي لأنه ممن تنعقد به الجمعة فجاز أن يؤم فيها كما لو حضر الخطبة. وقد روى الإمام أحمد رحمه الله انه لا يجوز الاستخلاف مع العذر أيضا فإنه قال في الإمام إذا أحدث بعدما خطب يقدم رجلا يصلي بهم لم يصل إلا أربعا إلا أن يعيد الخطبة ثم يصلي بهم ركعتين، وذلك لأن هذا لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من خلفائه والمذهب الأول وهل يجوز أن يتولى الخطبتين اثنان يخطب كل واحد خطبة. فيه احتمالان إحداهما يجوز كالاذان والإقامة، والثاني لا يجوز لما ذكرنا فيما تقدم * (مسألة) * (ومن سننهما أن يخطب على منبر أو موضع عال لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب الناس على منبر) قال سهل بن سعد: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فلانة أن مري غلامك النجار يعمل لي أعوادا أجلس عليهن إذا كلمت الناس. متفق عليه، ولأنه أبلغ في الاعلام وليس ذلك واجبا، فلو خطب على الأرض أو ربوة أو راحلة أو غير ذلك جاز، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم على الأرض قبل أن يصنع له المنبر ويستحب أن يكون المنبر عن يمين القبلة لأن النبي صلى الله عليه وسلم هكذا صنع
(١٨٤)