سقط رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فرس فجحش أو خدش شقه الأيمن فدخلنا عليه نعوده فحضرت الصلاة فصلى قاعدا وصلينا قعودا. متفق عليه (فصل) فإن أمكنه القيام الا أنه يخشى تباطؤ برئه أو زيادة مرضه، أو يشق عليه مشقة شديدة فله أن يصلي قاعدا ونحوه قال مالك وإسحاق، وقال ميمون بن مهران: إذا لم يستطع أن يقوم لدنياه فليصل جالسا وحكي بجواز ذلك عن أحمد ولنا قول الله تعالى (ما جعل عليكم في الدين من حرج) وهذا حرج، ولان النبي صلى الله عليه وسلم صلى جالسا لما جحش شقه، والظاهر أن من جحش شقه لا يعجز عن القيام بالكلية ومتى صلى قاعدا فإنه يكون على صفة صلاة المتطوع جالسا على ما ذكرنا (فصل) فإن قدر على القيام بأن يتكئ على عصى، أو يستند على حائط،، أو يعتمد على أحد جانبيه لزمه لأنه قادر على القيام من غير ضرر فلزمه كما لو قدر بغير هذه الأشياء، وإن قدر على القيام الا أنه يكون على هيئة الراكع كالأحدب والكبير لزمه ذلك لأنه قيام مثله، وإن كان لقصر سقف لا يمكنه الخروج، أو سفينة، أو خائف لا يعلم به الا إذا رفع رأسه ففيه احتمالان: أحدهما يلزمه القيام كالأحدب، والثاني لا يلزمه. فإن احمد قال: الذي في السفينة لا يقدر أن يستتم قائما لقصر سماء السفينة يصلي قاعدا الا أن يكون شيئا يسيرا فيقاس عليه ما في معناه لحديث عمران المذكور (فصل) فإن قدر المريض على الصلاة وحده قائما ولا يقدر مع الإمام لتطويله احتمل أن يلزمه القياس ويصلي وحده لأن القيام ركن لا تتم صلاته الا به، والجماعة تصح الصلاة بدونها واحتمل أنه مخير بين الامرين لأنا أبحنا له ترك القيام المقدور عليه مع إمام الحي العاجز عنه مراعاة للجماعة فهاهنا أولى، ولان الاجر يتضاعف بالجماعة أكثر من تضاعفه بالقيام لأن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم، فصلاة الجماعة تفضل على صلاته وحده سبعا وعشرين درجة وهذا أحسن، وهو مذهب الشافعي * (فصل) * فإن عجز عن القعود صلى على جنب لما ذكرنا من الحديث، ويستقبل القبلة بوجهه وهذا قول مالك والشافعي وابن المنذر، وقال سعيد بن المسيب وأبو ثور وأصحاب الرأي يصلي مستلقيا ورجلاه إلى القبلة ليكون إيماؤه إليها فإنه إذا صلى على جنبه كان وجهه في الايماء إلى غير القبلة ولنا قوله عليه السلام فإن لم يستطع فعلى جنب ولأنه يستقبل القبلة إذا كان على جنبه. وإذا كان على ظهره إنما يستقبل السماء ولذلك يوضع الميت على جنبه ليكون مستقبلا للقبلة، قولهم إن وجهه في الايماء إلى القبلة قلنا استقبال القبلة إنما يكون في غير حال الركوع والسجود فإن
(٨٦)