اختلفت الرواية عن أحمد رحمه الله في جواز الاعتاق من الزكاة فروي عنه جواز ذلك وهو قول ابن عباس والحسن والزهري ومالك واسحق وأبي عبيد والعنبري وأبي ثور لعموم قوله تعالى (وفي الرقاب) وهو متناول للقن، بل هو ظاهر فيه فإن الرقبة تنصرف إليه إذا أطلقت كقوله تعالى (فتحرير رقبة) وتقدير الآية وفي اعتاق الرقاب، ولأنه اعتاق للرقبة فجاز صرف الزكاة فيه كدفعه في الكتابة (والثانية) لا يجوز وهو قول إبراهيم والشافعي لأن الآية تقتضي صرف الزكاة إلى الرقاب كقوله (في سبيل الله) يرد الدفع إلى المجاهدين كذلك ههنا، والعبد القن لا يدفع إليه شئ. قال احمد في رواية أبي طالب قد كنت أقول: يعتق من زكاته ولكن أهابه اليوم لأنه يجر الولاء، وفي موضع آخر قبل له فما يعجبك من ذلك؟ قال يعين في ثمنها فهو أسلم، وقد روي نحو هذا عن النخعي وسعيد بن جبير فإنهما قالا: لا يعتق من الزكاة رقبة كاملة لكن يعطي منها في رقبة ويعين مكاتبا، وبه قال أبو حنيفة وصاحباه: لأنه إذا أعتق من زكاته انتفع بالولاء من أعتقه فكأنه صرف الزكاة إلى نفسه وأخذ ابن عقيل من هذه الرواية أن احمد رجع عن القول بالاعتاق من الزكاة، وهذا والله أعلم إنما كان على سبيل الورع من احمد فلا يقتضي رجوعا لأن العلة التي علل بها جر الولاء ومذهبه في إحدى الروايتين عنه إنما رجع من الولاء رد في مثله فلا ينتفع إذا باعتاقه من الزكاة (فصل) ولا يجوز أن يشتري من زكاته من يعتق عليه بالرحم، فإن فعل عتق عليه ولم تسقط عنه الزكاة.
وقال الحسن. لا بأس أن يعتق أباه من الزكاة لأن دفع الزكاة لم يكن إلى أبيه، وإنما دفع الثمن إلى البائع ولنا أن نفع زكاته عاد إلى أبيه فلم يجز كما لو دفعها إليه، ولان عتقه حصل بنفس الشراء مجازاة وصلة للرحم فلم يجز أن يحسب له من الزكاة كنفقة أقاربه، ولو أعتق عبده المملوك له عن زكاته لم يجزئه لأن أداء الزكاة عن كل مال من جنسه والعبد ليس من جنس ما تجب الزكاة فيه، وكذلك لو أعتق عبدا من عبيد التجارة لم يجز لأن الزكاة تجب في قيمتهم لا في عينهم * (مسألة) * (السادس الغارمون وهم المدينون وهم ضربان: (ضرب) غرم لاصلاح ذات البين، (وضرب) غرم لاصلاح نفسه في مباح) الغارمون ضربان (أحدهما) الغارمون لاصلاح نفوسهم ولا خلاف في استحقاقهم وثبوت سهمهم في الزكاة، وأن المدينين العاجزين عن وفاء ديونهم منهم، لكن من غرم في معصية مثل أن يشتري خمرا، أو يصرفه في زنا، أو قمار، أو غناء، أو نحوه لم يدفع إليه قبل التوبة شئ لأنه إعانة له على