ومالك والشافعي وإسحق وابن المنذر وجماعة غيرهم، وقال الحسن وابن سيرين وأصحاب الرأي لا يجوز الجمع إلا في يوم عرفة وليلة مزدلفة بها وهو رواية عن ابن القاسم عن مالك واختياره واحتجوا بأن المواقيت ثبتت بالتواتر فلا يجوز تركها بخبر الواحد ولنا ما روي عن ابن عمر انه كان إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء ويقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جد به السير جمع بينهما، وعن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر ثم نزل فجمع بينهما، وان زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب متفق عليهما. ولمسلم كان إذا عجل عليه السير يؤخر الظهر إلى وقت العصر فيجمع بينهما ويؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء حين يغيب الشفق، وروى الجمع معاذ وابن عباس وقولهم لا تترك الأخبار المتواترة لاخبار الآحاد. قلنا لا يتركها وإنما يخصها وتخصيص المتواتر بالخبر الصحيح جائز بالاجماع وهذا ظاهر جدا، فإن قيل معنى الجمع في الاخبار أن يصلي الأولى في آخر وقتها والأخرى في أول وقتها. قلنا هذا فاسد لوجهين أحدهما أنه قد جاء الخبر صريحا في أنه كان يجمعها في وقت الثانية على ما ذكرنا في خبر أنس، الثاني إن الجمع رخصة فلو كان على ما ذكروه لكان أشد ضيقا وأعظم حرجا من الاتيان بكل صلاة في وقتها لأن ذلك أوسع من مراعاة طرفي الوقتين بحيث لا يبقى من وقت الأولى إلا قدر فعلها، ومن تدبر هذا وجده كما وصفنا ولو جاز الجمع هذا لجاز الجمع من العصر والمغرب والعشاء والصبح وهو محرم بالاجماع، فإذا
(١١٥)