إلى جانبه عن الاستماع لأنه في معنى البعيد ولا يقرأ (إذا) كان يخلط على من يقرب إليه ويشغله عن الاستماع وفيه وجه آخر لا يقرأ إذا كان قريبا لئلا يخلط على الإمام ولأنه لو كان في موضعه من يسمع لم يقرأ أشبه السميع، وإن سمع همهمة الإمام ولم يفهم فقال في رواية الجماعة لا يقرأ وقال في رواية عبد الله يقرأ إذا سمع الحرف بعد الحرف * (فصل) * ولا يستحب للمأموم القراءة وهو يسمع قراءة الإمام بالحمد ولا بغيرها وبه قال سعيد ابن المسيب وعروة وأبو سلمة بن عبد الرحمن والزهري وكثير من السلف والثوري وابن عيينة وابن المبارك وأصحاب الرأي وهو أحد قولي الشافعي والقول الآخر قال يقرأ ونحوه عن الليث وابن عون ومكحول لما ذكرنا من الأحاديث. والمعنى على وجوب القراءة على المأموم. ولنا قوله تعالى (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون) قال سعيد بن المسيب ومحمد بن كعب والزهري وإبراهيم والحسن انها نزلت في شأن الصلاة، قال أحمد في رواية أبي داود أجمع الناس على أن هذه الآية في الصلاة، وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم " إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا قرأ فانصتوا " رواه سعيد بن منصور، وروى أبو موسى قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا فبين لنا سنتنا وعلمنا صلاتنا فقال " إذا صليتم فأقيموا صفوفكم وليؤمكم أحدكم فإذا كبر فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا " رواه مسلم، وروى أبو هريرة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " مالي أنازع القرآن " فانتهى الناس أن يقرأوا فيما جهر فيه النبي صلى الله عليه وسلم. رواه مالك بمعناه وقال الترمذي حديث حسن ولأنه إجماع، قال أحمد ما سمعت أحدا من أهل الاسلام يقول إن الإمام إذا جهر بالقراءة لا تجزي صلاة من خلفه إذا لم يقرأ، وقال: هذا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعون وهذا مالك في أهل الحجاز وهذا الثوري في أهل العراق وهذا الأوزاعي في أهل الشام، وأما الأحاديث فقد أجبنا عنها فيما مضى ولأنها قراءة لا تجب على المسبوق فلا تجب على غيره كقراءة السورة * (فصل) * قال أبو داود قيل لأحمد إذا قرأ المأموم بفاتحة الكتاب ثم سمع قراءة الإمام قال يقطع إذا سمع قراءة الإمام وينصت للقراءة وذلك لما ذكرنا من الآية والاخبار * (مسألة) * (وهل يستفتح ويستعيذ فيما يجهر فيه الإمام؟ على روايتين) أما في حال قراءة إمامه فلا يستفتح ولا يستعيذ لأنه إذا سقطت القراءة عنه كيلا يشتغل عن استماع قراءة الإمام فالاستفتاح أولى ولان قوله تعالى (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا) يتناول كل ما يشتغل عن الانصات من الاستفتاح وغيره ولان الاستعاذة إنما شرعت من أجل القراءة فإذا سقطت القراءة سقط التبع، وإن سكت الإمام قدرا يتسع لذلك ففيه روايتان إحداهما يستفتح ولا يستعيذ اختاره القاضي لأنه أمكن للاستفتاح من غير اشتغال عن الانصات وفيه رواية انه يستفتح ويستعيذ
(١٣)