الثاني لأنه أشبه بكتاب الله تعالى وأحوط للصلاة والحرب، أما موافقة الكتاب فإن قوله تعالى (ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك) يقتضي أن جميع صلاتها معه، وعلى ما اختاره أبو حنيفة لا تصلي معه إلا ركعة على ما يأتي وعلى ما اخترنا تصلي جميع صلاتها معه في إحدى الركعتين موافقة في أفعاله، والثانية تأتي بها قبل سلامه ثم تسلم معه. وأما الاحتياط للصلاة فإن كل طائفة تأتي بصلاتها متوالية بغضها موافق للإمام فيها فعلا وبعضها يفارقه وتأتي به وحدها كالمسبوق، وعلى ما اختاره ينصرف إلى جهة العدو وهي في الصلاة ماشية أو راكبة ويستدبر القبلة وهذا ينافي الصلاة وأما الاحتياط للحرب فإنه يتمكن من الضرب والطعن والتحريض وإعلام غيره بما يراه مما خفي عليه وتحذيره وإعلام الذين مع الإمام بما يحدث ولا يمكن هذا على اختياره (فصل) ولا تجب التسوية بين الطائفتين لأنه لم يرد بذلك نص ولا قياس، ويجب أن تكون الطائفة التي بإزاء العدو ممن يحصل الثقة بكفايتها وحراستها ومتى خشي اختلال حالهم واحتيج إلى معونتهم بالطائفة الأخرى فللإمام أن ينهد إليهم من معه ويبينوا على ما مضى من صلاتهم (فصل) وإن صلوا الجمعة صلاة الخوف جاز إذا كانت كل طائفة أربعين، فإن قيل فالعدد شرط في الجمعة كلها ومتى ذهبت الطائفة الأولى بقي الإمام منفردا فبطلت الجمعة كما لو نقص العدد فالجواب أن هذا جاز لأجل العذر ولأنه يترقب مجئ الطائفة الأخرى بخلاف الانفضاض
(١٣١)