على من كان النوح سنته ولم ينه عنه أهله لقول الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا) وقول النبي صلى الله عليه وسلم " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته " وحمله آخرون على من أوصى بذلك في حياته كقول طرفة:
إذا مت فانعيني بما أنا أهله * وشقي علي الجيب يا بنت معبد وقال آخر: من كان من أمهاتي باكيا أيدا * فاليوم إني أراني اليوم مقبوضا ولا بد من حمل البكاء في هذا الحديث على البكاء الذي معه ندب ونياحة ونحو هذا بدليل ما قدمنا من الأحاديث (فصل) ويكره النعي، وهو أن يبعث مناديا ينادي في الناس إن فلانا مات لتشهد جنازته، لما روى حذيفة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النعي. قال الترمذي هذا حديث حسن، واستحب جماعة من أهل العلم أن لا يعلم الناس بجنائزهم منهم ابن مسعود وعلقمة والربيع بن خيثم وعمرو بن شرحبيل قال: إذا أنا مت فلا أنعى. وقال كثير من أهل العلم لا بأس من أن يعلم بالرجل إخوانه ومعارفه وذوو الفضل من غير نداء. قال إبراهيم النخعي لا بأس أن يعلم الرجل إخوانه وأصحابه إنما كانوا يكرهون أن يطاف في المجالس: أنعي فلانا كفعل أهل الجاهلية، وممن رخص في هذا أبو هريرة وابن عمر وابن سيرين، فروي عن ابن عمر انه لما نعي له رافع بن خديج