" أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم " فجعل الأغنياء من تجب عليهم الزكاة وإذا كان غنيا لم يكن له الاخذ من الزكاة للخبر ولنا أنه لا يملك ما يغنيه ولا يقدر على كسب ما يكفيه فجاز له الاخذ من الزكاة كما لو كان ما يملكه لا تجب فيه الزكاة، ولأنه فقير فجاز له الاخذ لأن الفقر عبارة عن الحاجة، قال الله تعالى (يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله) وقال الشاعر: * واني إلى معروفها لفقير * أي محتاج وهذا محتاج فقيرا غير غني، ولأنه لو كان ما يملكه لا زكاة فيه لكان فقيرا ولا فرق في دفع الحاجة بين المالين، فأما الخبر فيجوز أن يكون الغنى الموجب للزكاة غير الغنى المانع منها لما ذكرنا من المعنى فيكون المانع منها وجود الكفاية والموجب لها ملك النصاب جمعا بين الأدلة (فصل) فإن ملك غير الأثمان ما يقوم بكفايته كمن له مكسب يكفيه أو أجرة عقار أو غيره فليس له الاخذ من الزكاة وهذا قول الشافعي وإسحاق وأبي عبيد وابن المنذر. وقال أبو حنيفة وأصحابه إن كان المال مما لا تجب فيه الزكاة جاز الدفع إليه إلا أن أبا يوسف قال: إن دفع إليه الزكاة فهو قبيح وأرجو أن يجزئه لأنه ليس بغني لما ذكرنا لهم في المسألة قبلها ولنا ما روى الإمام أحمد ثنا يحيى بن سعيد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عدي بن الخيار عن رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهما أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألاه الصدقة فصعد فيهما النظر فرأهما جلدين فقال " إن شئتما أعطيتكما ولاحظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب " قال احمد: ما أجوده من حيث. وقال هو أحسنها اسنادا، ولان له ما يغنيه عن الزكاة فلم يجز الدفع إليه كما لك النصاب * (مسألة) * (وإن كان من الأثمان فكذلك في إحدى الروايتين والأخرى إن ملك خمسين درهما أو قيمتها من الذهب فهو غني) لا يجوز دفع الصدقة إلى غني لأجل الفقر والمسكنة بغير خلاف لأن الله تعالى جعلها للفقراء والمساكين والغني غير داخل فيهم ولقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا تحل الصدقة لغني ولا لقوي مكتسب "
(٦٩٢)