وكل من لها رحم ومحرم بحيث لو كانت رجلا لم يحل له نكاحها أولى بها ممن لا رحم لها وبعدها التي لها رحم وليست بمحرم، كبنات العم والعمات وبنات الخال والخالة، فهن أولى من الأجانب، وبهذا قال الشافعي ان لم يكن لها زوج، فإن كان لها زوج فهل يقدم على النساء؟ فيه وجهان: أحدهما يقدم لأنه ينظر منها إلى ما لا ينظر النساء، والثاني يقدم النساء على الزوج لأن الزوجية تزول بالموت والرحم لا يزول كما ذكرنا في حق الرجل * (مسألة) * ولكل واحد من الزوجين غسل صاحبه في إحدى الروايتين، كذلك السيد مع سريته) اختلفت الرواية عن أحمد رحمه الله تعالى في غسل كل واحد من الزوجين الآخر، فروي عنه الجواز فيهما نقلها عنه حنبل، وروى عنه المنع مطلقا حكاها ابن المنذر، وروي عنه التفرقة وهو جواز غسل الزوج دون الزوجة، والقول بجواز غسل المرأة زوجها قول أهل العلم حكاه ابن المنذر اجماعا، قالت عائشة: لو استقبلنا من أمرنا ما استدبرنا ما غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم الا نساؤه رواه أبو داود، وأوصى أبو بكر رضي الله عنه أن تغسله امرأته أسماء بنت عميس ففعلت، وغسل أبا موسى امرأته أم عبد الله، قال أحمد ليس فيه اختلاف بين الناس، وعنه لا يجوز، حكى عنه صالح ما يدل على ذلك لأنها فرقة بين الزوجين أشبهت الطلاق، ولأنها أحد الزوجين أشبهت الآخر (فصل) والمشهور عن أحمد جواز غسل الرجل زوجته، وهو قول علقمة وعبد الرحمن بن يزيد وجابر بن زيد وسليمان بن يسار وأبي سلمة وأبي قتادة وحماد ومالك والأوزاعي والشافعي واسحق، وعن أحمد رواية ثانية، ليس للزوج غسلها وهو قول أبي حنيفة والثوري لأن الموت فرقة تبيح أختها وأربعا سواها فحرمت اللمس والنظر كالطلاق ولنا ما روى ابن المنذر أن عليا رضي الله عنه غسل فاطمة عليها السلام واشتهر ذلك فلم ينكر فكان اجماعا، ولان النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة " لو مت قبلي لغسلتك وكفنتك " رواه ابن ماجة، والأصل في إضافة الفعل إلى الشخص أن يكون للمباشرة فإن حمله على الامر يبطل فائدة التخصيص، ولأنه أحد الزوجين فأبيح له غسل صاحبه كالآخر. والمعنى في ذلك أن كل واحد من الزوجين يسهل عليه اطلاع الآخر على عورته لما كان بينهما في الحياة، ويأتي بالغسل على ما يمكنه لما كان بينهما من المودة والرحمة، وما قاسوا عليه لا يصح لأنه يمنع الزوجة من النظر بخلاف هذا ولأنه لا فرق بين الزوجين إلا بقاء العدة. ولو وضعت حملها عقيب موته كان لها غسله وقد انقضت عدتها * (فصل) * فإن طلق امرأته طلاقا بائنا ثم مات أحدهما في العدة لم يجز لواحد منهما غسل الآخر لأن اللمس والنظر محرم حال الحياة فبعد الموت أولى، وإن كان الطلاق رجعيا وقلنا الرجعية محرمة فكذلك، وان قلنا هي مباحة فحكمها حكم الزوجين لأنها ترثه ويرثها ويباح له وطؤها والخلوة والنظر
(٣١٢)