فلا تسمعين بعد هذا اليوم صوت محمد أبدا. فقالت أم سلمة: وا حزناه حزنا لا تدركه الندامة عليك يا محمداه.
ثم قال (صلى الله عليه وآله): ادعي لي حبيبة قلبي (1)، وقرة عيني فاطمة تجئ. فجاءت فاطمة (عليها السلام) وهي تقول: نفسي لنفسك الفداء، ووجهي لوجهك الوقاء يا أبتاه، ألا تكلمني كلمة؟ فإني أنظر إليك وأراك مفارق الدنيا، وأرى عساكر الموت تغشاك شديدا. فقال لها: يا بنية، إني مفارقك، فسلام عليك مني. قالت: يا أبتاه، فأين الملتقى يوم القيامة؟ قال: عند الحساب. قالت: فإن لم ألقك عند الحساب؟ قال: عند الشفاعة لامتي. قالت: فإن لم ألقك عند الشفاعة لامتك؟ قال: عند الصراط، جبرئيل عن يميني، وميكائيل عن يساري، والملائكة من خلفي وقدامي ينادون: رب سلم أمة محمد من النار، ويسر عليهم الحساب. فقالت فاطمة (عليها السلام): فأين والدتي خديجة؟ قال: في قصر له أربعة أبواب إلى الجنة.
ثم أغمي على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فدخل بلال وهو يقول: الصلاة رحمك الله، فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) وصلى بالناس، وخفف الصلاة.
ثم قال: ادعوا لي علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد، فجاءا فوضع (صلى الله عليه وآله) يده على عاتق علي (عليه السلام)، والأخرى على أسامة، ثم قال: انطلقا بي إلى فاطمة.
فجاءا به حتى وضع رأسه في حجرها، فإذا الحسن والحسين (عليهما السلام) يبكيان ويصطرخان (2) وهما يقولان: أنفسنا لنفسك الفداء، ووجوهنا لوجهك الوقاء.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من هذان يا علي؟ قال: هذان ابناك الحسن والحسين. فعانقهما وقبلهما، وكان الحسن (عليه السلام) أشد بكاء، فقال له: كف يا حسن، فقد شققت على رسول الله.
فنزل ملك الموت (عليه السلام)، فقال: السلام عليك يا رسول الله. قال: وعليك