السلام، يا ملك الموت، لي إليك حاجة. قال: وما حاجتك يا نبي الله؟ قال: حاجتي أن لا تقبض روحي حتى يجيئني جبرئيل (عليه السلام) فيسلم علي وأسلم عليه، فخرج ملك الموت وهو يقول: يا محمداه، فاستقبله جبرئيل في الهواء، فقال: يا ملك الموت، قبضت روح محمد؟ قال: لا يا جبرئيل، سألني أن لا أقبضه حتى يلقاك فتسلم عليه ويسلم عليك. فقال جبرئيل: يا ملك الموت، أما ترى أبواب السماء مفتحة لروح محمد، أما ترى الحور العين قد تزين لروح محمد؟
ثم نزل جبرئيل (عليه السلام) فقال: السلام عليك يا أبا القاسم. فقال: وعليك السلام يا جبرئيل، ادن مني حبيبي جبرئيل، فدنا منه، فنزل ملك الموت فقال له جبرئيل: يا ملك الموت، احفظ وصية الله في روح محمد، وكان جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره وملك الموت آخذ بروحه (صلى الله عليه وآله)، فلما كشف الثوب عن وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) نظر إلى جبرئيل (عليه السلام)، فقال له: عند الشدائد تخذلني! فقال: يا محمد، إنك ميت وإنهم ميتون، كل نفس ذائقة الموت.
فروي عن ابن عباس أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ذلك المرض كان يقول:
ادعوا لي حبيبي، فجعل يدعى له رجل بعد رجل فيعرض عنه، فقيل لفاطمة (عليها السلام):
امضي إلى علي، فما نرى رسول الله (صلى الله عليه وآله) يريد غير علي (عليه السلام)، فبعثت فاطمة إلى علي (عليه السلام) فلما دخل فتح رسول الله (صلى الله عليه وآله) عينيه وتهلل وجهه، ثم قال: إلي يا علي، إلي يا علي، فما زال (صلى الله عليه وآله) يدنيه حتى أخذه بيده، وأجلسه عند رأسه، ثم أغمي عليه، فجاء الحسن والحسين (عليهما السلام) يصيحان ويبكيان حتى وقعا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأراد علي (عليه السلام) أن ينحيهما عنه، فأفاق رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم قال: يا علي، دعني أشمهما ويشماني، وأتزود منهما ويتزودان مني، أما إنهما سيظلمان بعدي ويقتلان ظلما، فلعنة الله على من يظلمهما، يقول ذلك ثلاثا. ثم مد يده إلى علي (عليه السلام) فجذبه إليه حتى أدخله تحت ثوبه الذي كان عليه، ووضع فاه على فيه، وجعل يناجيه مناجاة طويلة حتى خرجت روحه الطيبة (صلى الله عليه وآله)، فانسل علي (عليه السلام) من تحت ثيابه، وقال: أعظم الله أجوركم