تزوج أخرى وكان حلف بطلاق كل امرأة يتزوجها فاستفتى فقيها آخر فأفناه بصحة اليمين فإنه يفارق الأخرى ويمسك الأولى عملا بفتواهما ا ه. قوله: (وغير ذلك) كما إذا مس صهرته بشهوة وانتشر لها فحكم الزوجان حكما ليحكم لهما بالحل على مذهب الشافعي، فالأصح هو النفاذ إن كان المحكم يراه، وإلا فالصحيح عدمه. أفاده في البحر عن القنية. قوله: (وظاهر الهداية الخ) حيث قال: قالوا:
وتخصيص الحدود والقصاص يدل على جواز التحكيم في سائر المجتهدات، وهو الصحيح إلا أنه لا يفتى به، ويقال: يحتاج إلى حكم المولى دفعا لتجاسر العوام ا ه: أي تجاسرهم على هدم المذهب. فتح.
ومثل عبارة الهداية عبارة شرح أدب القضاء المارة آنفا، وتقدم فيها أن الصحيح صحة التحكيم، وأنه الظاهر عن أصحابنا، وكان ما هنا ترجيح للقول الآخر المقابل للصحيح، والمتبادر من عبارة الهداية:
أنه لا يفتى بجوازه في سائر المجتهدات. لكن ذكر في البحر عن الولوالجية، والقنية ما هو كالصريح في أن ذلك في اليمين المضافة ونحوها، ونحوه ما قدمناه آنفا عن الفتح عن الفتاوى الصغرى: ويأتي التصريح به في المخالفات، ولكن يتأمل في وجه المنع من عدم الافتاء به، والتعليل بأن لا يتجاسر العوام على هدم المذهب لا يظهر في خصوص اليمين المضافة ونحوها.
ثم رأيت المقدسي توقف في ذلك أيضا وأجاب بما حاصله: أنهم منعوا من تولية القضاء لغير الأهل لئلا يحكم بغير الحق، وكذلك منعوا من التحكيم هنا لئلا يتجاسر العوام على الحكم بغير علم.
قلت: هذا يفيد منع التحكيم مطلقا إلا لعالم. والأحسن في الجواب أن يقال: إن الحالف في اليمين المضافة إذا كان يعتقد صحتها يلزمه العمل بما يعتقده، فإذا حكم بعدم صحتها حاكم مولى من السلطان لزمه اتباع رأي الحاكم وارتفع بحكمه الخلاف، أما إذا حكم رجلا فلا يفيده شيئا سوى هدم مذهبه، لان حكم المحكم بمنزلة الصلح لا يرفع خلافا ولا يبطل العمل بما كان الحالف يعتقده، فلذا قالوا لا يفتى به، ولا بد من حكم المولى، هذا ما ظهر لي والله سبحانه أعلم.
تنبيه: سيأتي في المخالفات أنه لا يصح حكمه بما فيه ضرر على الصغير بخلاف القاضي. قوله:
(وصح إخباره الخ) أي إذا قال لأحدهما أقررت عندي، أو قامت عندي بينة عليك لهذا فعدلوا عندي، وقد ألزمتك بذلك وحكمت لهذا فأنكر المقضي عليه لا يلتفت إلى إنكاره ومضى القضاء عليه ما دام المجلس باقيا، لان المحكم ما دام تحكيمهما قائما كالقاضي المقلد إلا أن يخرجه المخاطب عن الحكم ويعزله قبل أن يقول حكمت عليك، أو قاله المجلس لأنه بالقيام منه ينعزل كما ينعزل بعزل أحدهما قبل الحكم فصار كالقاضي إذا قال بعد العزل قضيت بكذا لا يصدق. فتح. قوله: (لا يصح إخباره بحكمه) أي بعد ما قام. قوله: (كحكم القاضي) فإنه لا يصح لمن لا تقبل شهادته له. قوله: (فلا بد من اجتماعهما) فلو حكم أحدهما أو اختلفا لم يجز كما في البحر عن الولوالجية، وفيه عن الخصاف: لو قال لامرأته أنت علي حرام ونوى الطلاق دون الثلاث فحكما رجلين فحكم أحدهما بأنها بائن وحكم الآخر بأنها بائن بالثلاث لم يجز، لأنهما لم يجتمعا على أمر واحد ا ه. قوله: (ويمضي حكمه) أي إذا رفع حكمه