رأيت بعضهم نبه على ما ذكرته. قوله: (ويحبس المديون الخ) اعلم أن المدعي إذا ادعى دينا وأثبته يؤمر المديون بدفعه، فإن أبى وطلب المدعى حبسه وهو غني يحبس، ثم إن كان الدين ثمنا ونحوه من الأربعة المذكورة في المتن وادعى المديون الفقر لا يصدق، لان إقدامه على الشراء ونحوه مما ذكر دليل على عدم فقره، فيحبس إلا إذا كان فقره ظاهرا كما سيأتي. وإن كان الدين غير الأربعة المذكورة وادعى الفقر فالقول له ولا يحبس إلى آخر ما سيجئ.
تنبيه: أطلق المديون فشمل المكاتب والعبد المأذون والصبي المحجور، فإنهم يحبسون، لكن الصبي لا يحبس بدين استهلاك بل يحبس والده أو وصية، فإن لم يكونا أمر القاضي رجلا ببيع ماله في دينه، كذا في البزازية. بحر.
قلت: وحبس والده أو وصية بدين الاستهلاك إنما هو حيث كان الصبي مال وامتنع الأب أو الوصي من بيعه، أما إذا لم يكن له مال فلا حبس كما يعلم من آخر العبارة، وهو ظاهر، والقول له إنه فقير لان دين الاستهلاك مما لا يحبس به إذا ادعى الفقر كما يأتي، وسيذكر الشارح آخر الباب نظما من لا يحبس وفيه تفصيل للثلاثة المذكورين. قوله: (في كل دين هو بدل مال) كثمن المبيع وبدل القرض، وقوله: أو ملتزم بعقد كالمهر والكفالة، وهو من عطف العام على الخاص، فلو اقتصر عليه كما وقع في بعض الكتب لا غناء عما قبه. زاد في البحر من القلانسي: وفي كل عين يقدر على تسليمها، وسيأتي في كلام الشارح.
ثم اعلم أن هذه العبارة التي عزاها الشارح إلى الدرر والمجمع والملتقى أصلها للقدوري، عدل عنها صاحب الكنز إلى قوله: في الثمن والقرض والمهر المعجل وما التزمه بالكفالة وتبعه المصنف لوجهين نبه عليهما في النهر: الأول أن قوله: بدل مال يدخل فيه بدل المغصوب وضمان المتلفات، والثاني أن قوله: أو ملتزم بعقد يدخل فيه أيضا ما التزمه بعقد الصلح عن دم العمد والخلع مع أنه لا يحبس في هذه المواضع إذا ادعى الفقر ا ه. وصرح الشارح بعد أيضا بأنه لا يحبس فيها فكان عليه عدم ذكر هذه العبارة، لكن ما ذكره في النهر عن مسلم. أما الأول فلان المراد بدل مال حصل في يد المديون، كما سيأتي فيكون دليلا على قدرته على الوفاء بخلاف ما استهلكه من الغصب. وأما الثاني فلانه يحبس في الصلح والخلع كما تعرفه فالأحسن ما فعله الشارح تبعا للزيلعي ليفيد أن الأربعة التي في المتن غير قيد احترازي فافهم. لكن الشارح نقض هذا فيما ذكره بعد كما تعرفه. قوله: (مثل الثمن) شمل الثمن ما على المشتري وما على البائع بعد فسخ البيع بينهما بإقالة أو خيار، وشمل رأس مال السلم بعد الإقالة وما إذا قبض المشتري المبيع أولا. بحر. قوله: (كالأجرة) لأنها ثمن المنافع.
بحر. فإن المنفعة وإن كانت غير مال لكنها تتقوم في باب الإجارة للضرورة. قوله: (ولو لذمي) يرجع إلى الثمن والقرض وكان المناسب ذكره عقب قوله: ويحبس المديون قال في البحر: أطلقه فأفاد أن المسلم يحبس بدين الذمي والمستأمن وعكسه ا ه. قوله: (والمهر المعجل) أي ما شرط تعجيله أو تعورف. نهر. قوله: (وما لزمه بكفالة) استثنى منه في الشرنبلالية كفيل أصله كما لو كفل أباه أو أمه:
أي فإنه لا يحبس مطلقا لما يلزم عليه من حبس الأب معه، وفي كلام قدمناه في الكفالة. قوله: (ولو بالدرك) هو المطالبة بالثمن عند استحقاق المبيع وهذا ذكره في النهر أخذا من إطلاق الكفالة، ثم