المدعي والمدعى عليه في الفقر وعدمه ونقل عبارات الكتب، منها كتاب اختلاف الفقهاء للطحاوي:
أن كل دين أصله من مال وقع في يد المديون كأثمان البياعات والقروض ونحوها حبسه، وما لم يكن أصله كذلك كالمهر والخلع والصلح عن عدم العمد ونحوه لم يحبسه حتى يثبت ملاءته ا ه. ونقل نحوه عن متن البحر المحيط وغيره، وذكر عن السغناقي وغيره حكاية قول آخر أيضا، وهو أن كل دين لزمه يعقد فالقول فيه للمدعي، وكل دين لزمه حكما لا بمباشرة العقد فالقول فيه للمديون. قالوا: وهذا القول لا فرق فين بين ما ثبت بدلا عن مال أو لا ثم إن الطرسوسي قال: إن صاحب الاختيار أخطأ، حيث جعل بدل الخلع كالثمن والقرض في أن القول فيه للمدعي، وهو مخالف لما نقلناه عن اختلاف الفقهاء للطحاوي ومتن البحر المحيط وغيره، وأيضا فإن الخلع ليس بدلا عن مال، هذا حاصل كلامه.
وإذا أمعنت النظر تعلم أنه كلام ساقط، فإن ما ذكره عن اختلاف الفقهاء ومتن البحر المحيط وغيره هو القول الذي مر عن قاضيخان، وما ذكره عن السغناقي وغيره هو الذي مشى عليه القدوري ونقله الشارح عن الدرر والمجمع والملتقى. فالقول الأول: اعتبر في كون القول للمدعي كون الدين بدلا عن مال حصل في يد المديون، ولم يعتبر كونه بعقد، ولا شك أن المهر وبدل الخلع والصلح عن دم العمد وإن كان بعقد لكنه ليس بدل مال فلا يكون القول فيه للمدعي بل للمديون فلا يحبس فيه. والقول الثاني: اعتبر كون الدين ملتزما بعقد سواء كان بدل مال أو غيره، ولا شك أن الخلع ملتزم بعقد كالمهر فيكون القول فيه للمدعي، والذين صرحوا بأن بدل الخلع لا يحبس فيه المديون هم أهل القول الأول فجعلوه كالمهر لكون كل منهما ليس بدل مال، وقد علمت أن صاحب الاختيار من أهل القول الثاني، فإنه اعتبر العقد كما قدمناه عنه، فلذا جعل القول للمدعي في المهر والكفالة والخلع، ويلزم منه أيضا أن يكون الصلح عن دم العمد كذلك لأنه بعقد، وحينئذ فاعتراض الطرسوسي على صاحب الاختيار بما حكاه أهل القول الأول ساقط، فإن صاحب الاختيار لم يقل بقولهم حتى يعترض عليه بذلك، بل قال بالقول الثاني كبقية أصحاب المتون، غير أنه زاد على المتون التصريح بالخلع لدخوله تحت العقد، وتبعه في الدرر. كيف وصاحب الاختيار إمام كبير من مشايخ المذهب، ومن أصحاب المتون المعتبرة، وأما الطرسوسي فلقد صدق فيه قول المحقق ابن الهمام: إنه لم يكن من أهل الفقه، فافهم واغنم تحقيق هذا الجواب فإنك لا تجده في غير هذا الكتاب، والحمد لله ملهم الصواب. ثم بعد مدة رأيت في مختصر أنفع الوسائل للزهيري ردا على الطرسوسي بنحو ما قلنا ولله الحمد. قوله: (لا يحبس في غيره) أي إن ادعى الفقر كما يأتي. قوله: (بدل خلع) الصواب إسقاطه كما علمت من أنه من القسم الأول. قوله: (ومغصوب) بالجر عطفا على خلع، وكذا ما بعده: أي وبدل مغصوب: أي إذا ثبت استهلاكه للمغصوب ولزمه بدله من القيمة أو المثل وادعى الفقر لا يحبس، لأنه وإن كان مال دخل في يده لكنه باستهلاكه لم يبق في يده حتى يدل على قدرته على الايفاء، بخلاف ثمن المبيع فإن المبيع دخل في يده، والأصل بقاؤه كما مر فلذا يحبس فيه، وبخلاف العين المغصوبة القادر على تسليمها، فإنه يحبس أيضا على تسليمها كما قدمه آنفا عن تهذيب القلانسي، فلا منافاة بينه وبين ما هنا. قال في أنفع الوسائل: وقولهم أو ضمان المغصوب معناه: إذا اعترف بالغصب وقال إنه فقير وتصادقا على الهلاك أو حبس لأجل العلم بالهلاك فإن القول للغاصب في العسرة، هكذا ذكره السغناقي وتاج الشريعة وحميد الدين الضرير ا ه. قوله: (ومتلف) أي وبدل ما أتلفه من أمانة ونحوها. قوله: