قوله: (قلت لكنها الخ) استدراك على التقييد بالعدل في قوله: ويكفي عدل فقد نقل في أنفع الوسائل عن الخلاصة أنه يسأل عنه الثقات والواحد يكفي، ولا يشترط لفظ الشهادة، ثم نقل عبارة شيخ الاسلام المارة، ثم قال: فقوله: أي شيخ الاسلام: هذا ليس بواجب وهذا ليس بحجة، وأن للقاضي أن لا يسأل، يؤيد قولنا أنه لا يشترط العدالة في هذا الواحد، لأنها تشترط في أمر واجب أو في إثبات حجة شرعية، وإلا فلا فائدة في اشتراطها لان القاضي له إخراجه بلا سؤال أحد عنه الخ، وأراد بذلك الرد على الزيلعي حيث قيد بالعدل في قوله: والعدل الواحد يكفي، وإثبات أن المستور الواحد يكفي دون الفاسق، ثم قال: والأحسن عندي أن يقال: إن كان رأي القاضي موافقا لقول هذا المستور في العسرة يقبل، وإلا بأن لم يكن للقاضي رأي في عسرة المحبوس أو يسر به فيشترط كون المخبر عدلا ا ه.
واستحسنه في النهر وغيره.
قلت: قد رجع إلى ما قاله الزيلعي من حيث لا يشعر، وذلك أنه إذا كان للقاضي رأي في عسرته بأن ظهر له حاله لا يحتاج إلى شاهد أصلا، بل له إخراجه بلا سؤال، والأحوط السؤال من عدل ليتحقق به ما رآه القاضي ولا يكون بمجرد رأيه، ويظهر من كلام شيخ الاسلام المار وكذا من كلام الفتح الذي ذكرناه بعده أنه لا يلزمه العمل بقول ذلك العدل إذ خالف رأيه، وإذا وافق قول المخبر رأي القاضي لا شك أنه يعمل به، سواء كان المخبر عدلا أو فاسقا أو مستورا، فعلم أن كلام الزيلعي محمول على ما إذا لم يكن للقاضي رأي بدليل قوله في شرح أدب القضاء: وإذا مضت تلك المدة واحتاج القاضي إلى معرفة حاله سأل الثقات من جيرانه وأصدقائه الخ، فقوله واحتاج دليل أنه لا رأي له، فقد ظهر أنه في هذه الصورة تشترط العدالة كما اعترف به الطرسوسي. وفي الصورة الأولى لا تشترط عدالة ولا غيرها، وإلا لم يكن للقاضي العمل برأيه وإخراج المحبوس بلا سؤال، وبه ظهر سقوط هذا البحث من أصله، فافهم واغتنم هذا التحرير. قوله: (ولذا لم يجب السؤال) أي سؤال القاضي عن حال المحبوس، وإنما يسأل احتياطا كما مر. قوله: (فإن لم يظهر له مال خلاه) أي أطلقه من الحبس جبرا على الدائن. نهر. ثم إن إطلاقه بإخبار واحد لا يكون ثبوتا، حتى لا يجوز أن يقول هذا القاضي ثبت عندي أنه معسر، ولا ينقل ثبوته إلى قاض آخر، بل هذا يختص بهذا القاضي. أنفع الوسائل. وأقره في البحر والنهر. قوله: (ووقف) ذكره في البحر بحثا إلحاقا باليتيم. قوله: (فعلى القاضي القضاء به) أي إذا أبى المحبوس أن يخرج حتى يقضي بإفلاسه كما في البحر وغيره. قوله:
(حتى لا يعيده الدائن ثانيا) أي قبل ظهور غناه. بحر. والظاهر أن المراد أن لا يعيده قاض آخر، لان الأول ظهر له حاله فكيف يعيده إلى الحبس، بل لا يعيده لا لهذا الدائن ولا لغيره حتى يثبت غناه كما هو صريح عبارة البزازية المذكورة، وأيضا إذا ثبت إعساره الحادث بشهادة تامة بعد خصومة كما مر فليس لقاض آخر حبسه ثانيا فيما يظهر لأنه يكون ثبوتا فيتعدى، بخلاف ما إذا أطلقه بإخبار واحد.
تأمل. وقدم الشارح في الوقف في صور من ينتصب خصما من غيره عد منها المديون إذا أثبت إعساره