إن كان لا يعرف قدره لا يجوز السلم به مطلقا، وإن عرف قدره فالسلم به لبيان القدر لا لتعيينه، فكيف يتأتى فيه الفرق بين المنكبس وغيره ا ه. وأجاب في النهر: بأنه إذا أسلم بمقدار هذا الوعاء برا وقد عرف أنه ويبة مثلا جاز، غير أنه إذا كان ينقبض وينبسط لا يجوز لأنه يؤدي إلى النزاع وقت التسليم في الكبس وعدمه، لأنه عند بقاء عينه يتعين. وقول الزيلعي: لا لتعيينه ممنوع. نعم هلاكه بعد العلم بمقداره لا يفسد العقد ا ه.
قلت: ولا يخفى ما فيه، لان الوعاء إذا تحقق معرفة قدره لا يتعين قطعا، وإلا فسد العقد بعد هلاكه، ولا نزاع بعد معرفة قدره لامكان العدول إلى ما عرف من مقداره فيسلمه بلا منازعة، كما إذا هلك، لان الكلام فيما عرف قدره، ويظهر لي الجواب عن الهداية بأن قوله: ولا بد الخ بيان لما يعرف قدره لا شرط زائد عليه، ويكون المراد أنه إذا كان مما ينقبض وينكبس بالكبس لا يتقدر بمقدار معين، لتفاوت الانقباض والكبس فيؤدي إلى النزاع، ولذا لم يجز البيع فيه حالا، فكلام الزيلعي وارد على ما يتبادر من كلام الهداية من أنه شرط زائد على معرفة القدر وعلى ما قلنا فلا، فاغتنم هذا التحرير. قوله: (إلا إذا كانت النسبة لثمرة الخ) كان الأولى إسقاط قوله: لثمرة أو أنه يقول لثمرة أو بر إلى نخلة أو قرية. تأمل. قال في الفتح: فلو كانت نسبة الثمرة إلى قرية معينة لبيان الصفة لا لتعيين الخارج من أرضها بعينه كالخشراني ببخارى، والسباخي وهي قرية حنطتها جيدة بفرغانة لا بأس به، لأنه لا يراد خصوص النابت هناك بل الإقليم، ولا يتوهم انقطاع طعام إقليم بكماله فالسلم فيه، وفي طعام العراق والشام سواء، وكذا في ديار مصر في قمح الصعيد. وفي الخلاصة و المجتبى وغيره. لو أسلم في حنطة بخارى أو سمرقند أو إسبيجاب لا يجوز لتوهم انقطاعه، ولو أسلم في حنطة هراة لا يجوز، أو في ثوب هراة وذكر شروط السلم يجوز لان حنطتها يتوهم انقطاعها، إذ الإضافة لتخصيص البقعة، بخلاف إضافة الثوب لأنها لبيان الجنس والنوع، لا لتخصيص المكان، فلو أتى المسلم إليه بثوب نسج في غير ولاية هراة من جنس الهروي: يعني من صفته ومؤنته أجبر رب السلم على قبوله، فظهر أن المانع والمقتضي العرف، فإن تعورف كون النسبة لبيان الصفة فقط جاز، وإلا فلا ا ه ملخصا.
قلت: ويظهر من هذا أن النسبة إلى بلدة معينة كبخاري وسمرقند مثل النسبة إلى قرية معينة، فلا يصح إلا إذا أريد بها الإقليم كالشام والعراق مثلا، وعلى هذا فلو قال دمشقية لا يصح لأنه لا يراد بدمشق الإقليم، ولكن هل المراد ببخارى وسمرقند ودمشق خصوص البلدة أو هي وما يشمل قراها المنسوبة إليها؟ فإن كان المراد الأول فعدم الجواز ظاهر، وإن كان الثاني فله وجه لأنها ليست إقليما، ولكن لا يصح قول الشارح: كقمح مرجي أو بلدي فإن القمح المرجي نسبة إلى المرج وهو كورة شرقي دمشق تشتمل على قرى عديدة مثل حوران: وهي كورة قبلي دمشق، وقراها أكثر وقمحها أجود من باقي كور دمشق، والبلدي في عرفنا غير الحوراني: ولا شك أن ذلك كله ليس بإقليم، فإن الإقليم واحد أقاليم الدنيا السبعة كما في القاموس. وفي المصباح: يقال الدنيا سبعة أقاليم، وقد يقال ليس مرادهم خصوص الإقليم المصطلح، بل ما يشمل القطر والكورة، فإنه لا يتوهم انقطاع طعام ذلك بكماله فيصح إذا قال حورانية أو مرجية، وبه يصح كلام الشارح. تأمل. قوله: (فالمانع الخ) تقدم آنفا