قلت: ويؤيده أنه في الكنز والملتقى وغيرهما مشوا على قول الإمام. وفي الذخيرة: ولو لبس الثوب حتى تخرق من اللبس أو أكل الطعام لا يرجع عنده هو الصحيح خلافا لهما ا ه.
والحاصل أنهما قولان مصححان، ولكن صححوا قولهما بأن عليه الفتوى، ولفظ الفتوى آكد ألفاظ التصحيح، ولا سيما هو أرفق بالناس كما يأتي فلذا اختاره المصنف في متنه، وهذا في الاكل، أما البيع ونحوه فلا رجوع فيه إجماعا كما علمت، ويأتي وجه الفرق.
تنبيه: ظاهر كلام الشارح أن الخلاف جار في جميع المسائل التي ذكرها مع أنهم لم يذكروه إلا في أكل الطعام ولبس الثوب. إفادة ح.
قلت: الظاهر جريان الخلاف في مسائل الاطعام أيضا، لأنه لو أكل الطعام لا يرجع عند الامام، فكذا إذا أطعمه عبده بالأولى. تأمل. قوله: (وعنهما يرد ما بقي ويرجع بنقصان ما أكل) هذه رواية ثانية عنهما في صورة أكل البعض، والأولى أنه يرجع بنقصان العيب في الكل، فلا يرد ما بقي، هكذا نقل عنهما القدوري في التقريب وتبعه في الهداية. وذكر في شرح الطحاوي أن الأولى قول أبي يوسف. والثانية قول محمد كما في الفتح: وأما عند الامام فلا يرد ما بقي ولا يرجع بنقصان ما أكل ولا ما بقي. في الذخيرة: والفتوى على قول محمد كما نقله في البحر عن الاختيار والخلاصة، ومثله في النهاية وغاية البيان وجامع الفصولين والخانية والمجتبى، فلذا اقتصر عليه الشارح، وهذا كله في أكل البعض. أما لو باع بعض المكيل والموزون، ففي الذخيرة أنه عندهما: لا يرد ما بقي ولا يرجع بشئ، وعن محمد: يرد ما بقي ولا يرجع بنقصان ما باع، هكذا ذكره في الأصل. وكان الفقيه أبو جعفر وأبو الليث يفتيان في هذه المسائل بقول محمد رفقا بالناس، واختاره الصدر الشهيد ا ه. وفي جامع الفصولين عن الخانية. وعن محمد: لا يرجع بنقص ما باع ويرد الباقي بحصته من الثمن، وعليه الفتوى ا ه. ومثله في الولوالجية والمجتبى والمواهب.
والحاصل (1) أن المفتى به أنه لو باع البعض أو أكله يرد الباقي ويرجع بنقص ما أكل لا بنقص ما باع. والفرق كما في الولوالجية أنه بالاكل تقرر العقد، فتقرر أحكامه، وبالبيع ينقطع الملك فتنقطع أحكامه. قال: فصار بمنزلة ما لو اشترى غلامين فقبضهما وباع أحدهما ثم وجد بهما عيبا يرد ما بقي ولا يرجع بنقصان ما باع بالاجماع، فكذا هنا عند محمد ا ه.
قلت: لكن سيذكر المصنف تبعا لغيره من المتون: لو وجد ببعض المكيل أو الموزون عيبا له رد كله أو أخذه، فإن مقتضاه أنه ليس له رد المعيب وحده. إلا أن يقال: إنه محمول على ما إذا كان كله باقيا في ملكه لم يتصرف في شئ منه بقرينة قوله: له رد كله فيفرق بين ما إذا بقي كله وبين ما إذا تصرف ببعضه ببيع أو أكل، أو يقال: هو مبني على قول غير محمد. تأمل.
تنبيه: الطعام في عرفهم البر، والمراد به هنا هو وما كان مثله من مكيل وموزون كما علم مما